سأسرد لكم اليوم قصة بائع المناديل وهى إحدى الحكايات من واقع الحياة فى مصر، فتابعوا معى القصة:
مقدمة قصة بائع المناديل
في إحدي ليالي الشتاء القارصة البرودة .. كنت أجلس علي رصيف محطة قطار (سيدي جابر) .. وأصوات القطارات القادمة والذاهبة لا تهدأ .. والأوراق تتطاير من حولي .. ووجوه الناس تتغير بإستمرار تغير وصول القطارات إلي هذه المحطة..
إنها الحياة .. وجوه تأتي ووجوه تذهب .. لا نشعر بها سوي لحظات .. كنت احتضن ملابسي ، واحكم إغلاق اطرافها لامنع البرودة من التغلغل تحتها .. وبين الحين والآخر أزفر في يداي لأبعث فيهما بعض الدفء ..
انظر حولي فأشعر بأنني في احدي الدول الاوربية .. برودة الجو والفتيات الشقراوات والأولاد في الملابس (الجينز) الضيقة .. كنت امصمص شفتاي واتعجب من الحرية التي يتصرف بها الفتيات.
حتى اقترب مني !! وجلس إلي جواري ووضع الصندوق الذي معه علي الأرض .. انه بائع المناديل ..كان يبكي ويتألم .. وأراد أن يشاركه أحد هذا الألم ، وقاده القدر إليّ !!
جلس إلي جواري وهو ينتحب ويشكو قلة حظة في هذه الدنيا ، وكيف تركه أهله بسبب مهنته التي امتهنها .. فهو يبيع المناديل في القطارات .. ماذا يفعل؟! وكل الأبواب قد اغلقت في وجه.
انه لا يتسول .. انه يبيع المناديل فقط .. استمعت إليه وانا اتعجب اكثر من احوال الناس في هذا الزمان الردئ .. وكيف يتخلي الأهل عن فرد من أفراد الاسرة .. وقد تركوه يعاني دون أن يسمعوا حتى لمجرد شكواه.
حكاية بائع المناديل
تكلم الرجل والألم يعتصره .. لقد طارده بعض الأولاد وهددوه بسلاح ابيض ، واخذوا ما معه من نقود .. كان يتكلم والدموع تتجمع في مقلتيه: كيف أعود إلي بيتي وأولادي الذين ينتظرون العشاء الآن بالبيت ..؟!
تجمع كثير من الناس حوله .. وقد أخرج أحدهم بعض النقود واعطاه إياها .. ثم دوي نفير أحد القطارات القادمة ، فانفض الجمع ولم يبق سواي وحيداً علي الرصيف منتظر القطار الذاهب إلي مدينة طنطا .. وقد أعلن في الميكرفون الداخلي عن قرب قدومه.
فذهبت إلي شباك التذاكر لأقطع تذكرة .. وعندما هممت بإخراج محفظتي .. لم أجدها .. نعم لم أجدها .. فكدت اٌجن .. وتذكرت حينها شبح ابتسامة علي وجه بائع المناديل!!..