نظرية المؤامرة هو مصطلح يشير لمحاولة تفسير الأحداث العالمية الكبرى والوقائع المؤثرة في تلك الأحداث سواء السياسية منها أو الاجتماعية أو التاريخية كالحروب العالمية والثورات، والنزاعات وحتى الاغتيالات السياسية على أنها تجري بتخطيط من جماعات وقوى خفية مسيطرة على مقدرات الشعوب وثروات العالم وأنظمته.
وغالباً ما يحال الأمر إلى الحكومات على أنها متآمرة بشكل منظم وهي وراء تلفيق الاكاذيب، وكثير من مؤمني نظريات المؤامرة يدَّعون بأن الأحداث الكبرى في التاريخ قد هيمن عليها الكاذبون وأداروا الأحداث السياسية من وراء الكواليس لإعادة تشكيل العالم وفقا لمصالح عليا.
المشككون فى نظرية المؤامرة
أما المشككون في نظرية المؤامرة فلديهم رأي آخر يشكك بوجود مؤامرة في الأساس فالعري والدعارة والخطايا البشرية هي آفات إنسانية موجودة منذ عصور التاريخ الغابرة وليست وليدة اللحظة.
ويرى هؤلاء المشككون بأن التاريخ مليء بالقصص التي تتحدث عن توسع ثقافة على حساب ثقافة أخرى وتمدد شعب على حساب شعب آخر.
ويحيلون ذلك إلى الطبيعة البشرية التي تتطلع دائما إلى النزاع وتؤدي إلى صراع الحضارات فقد نشرت شعوب كثيرة ثقافتها وعاداتها وتقاليدها على المعمورة وقضوا على الكثير من الثقافات الأخرى التي كانت متواجدة على مر العصور.
مؤيدى نظرية المؤامرة
ونظرية المؤامرة حتى بالنسبة لمؤيديها لا يمكن اثباتها بالأدلة القاطعة لانها تتحدث عن منظمات سرية وتعامل مع الشياطين ومشروع لتوحيد البشرية في عبادة المسيح الدجال ومسألة الدليل اليقيني القاطع بالطبع لا يمكن برهانها.
لكن الحقيقة ان نظرية المؤامرة هي النظرية الوحيدة التي يمكننا ان نفسر بها كل ما يحدث من أحداث عجيبة غريبة في زماننا وهذا بالطبع سبب رواجها.
بالإضافة إلى أن الوصول لاستنتاج عقلي نابع من قراءة النتائج التي تظهر جلية تدلل بشكل كبير على ثبوت وجود تلك المؤامرة خلف الستار بشكل مستمر وطويل الأجل.
ولن تجد اي نظرية اخرى يمكن ان تفسر كل الاحداث الا نظرية المؤامرة منذ صعود حركات وتيارات مؤثرة في الأحداث العالمية كالصهيوينة وتغلغلها وسيطرتها العالمية مرورا بأحداث سبتمبر السينمائية الى غزو افغانستان الى غزو العراق وسوريا وغيرها من الأحداث الكبرى التي مازالت تجري في كل لحظة تمر.
الإعتقاد فى نظرية المؤامرة
ولم يقتصر الاعتقاد بنظرية المؤامرة على العرب والشرقيين فقط بل إن العالم الغربي نفسه مليء بهذه النظريات وكثير من الكتب الغربية تم تأليفها حول نفس الموضوع.
مثل كتاب لعبة الأمم لرجل المخابرات الأمريكى السابق مايلز كوبلاند، والذى أثار ضجة كبيرة عند نشره عام 1969م؛ باعتبارها المرة الأولى، التى يتحدَّث فيها رجل مخابرات، عن كيفية التلاعب بالشعوب والنظم الحاكمة؛ من أجل تغيير مقادير دول كاملة، وتوجيهها إلى ما يخدم المصالح الأمريكية.
بالإضافة إلى كتاب أحجار على رقعة الشطرنج وكتاب النبوءة والسياسة وغيرها من الكتب الشهيرة التي تناولت تفاصيل المؤامرة الكبرى التي ما زالت مستمرة، وعلى الصعيد الاعلامي نجد شخصية شهيرة كـ : أليكس جونز الذي حقق جماهيرية واسعة جدا من نشره لنظرية المؤامرة.
تأيد أو رفض النظرية
ومن هنا لا نستطيع القول أنه علينا ان نؤيد بالكامل أو نرفض بالكامل وجود المؤامرة، لكن يمكننا القول أن الإمعان في نسب كل الأحداث والتفاصيل إلى نظرية المؤامرة هو بالطبع سذاجة وسطحية وإغراق في المبالغة وحالة من الوسوسواس المرضي.
كما أن رفضها بالكلية هو إنكار لحقائق كثيرة ودلائل عقلية ومنطقية لا يمكن لعاقل أن يرفض وجودها على الأرض خاصة إذا كانت المؤامرة أوضح من أن يتم رفض وجودها.
على أن وقوف كلا من المؤيدين لوجود المؤامرة والرافضين لوجودها على جانبي النقيض يؤدي إلى خلافات حادة، بين المؤمنين بها والساخرين منها. مما يؤدى إلى حالة حادة من الخلاف الدائم ومن ثم الفوضى والتي في حد ذاتها من أهم أهداف المؤامرة.
وخلاصة القول أن المؤامرة واقع وحقيقة لكن تأثيرها لا يمكن أن يأتي إلا من خلال معرفة أن المؤامرة في الأساس لا يمكن أن تصل درجة دقتها وإتقانها في التخطيط والترتيب إلى الإبداع الكامل والسيطرة على كل شيء كما يدعي المهوسون بها.
ولكنها تخلق حالة من الفوضى – يسمونها بالفوضى الخلاقة – مثلما يحدث مع كرة الثلج التي يتم إلقائها من فوق جبل ثلجي شاهق حتى تصبح كرة ثلج عملاقة لا يمكن السيطرة عليها ولا الوقوف بوجهها، وينحصر دور منشؤوها في التدخل في الوقت المناسب لزيادة مكاسبهم وابتلاع النتائج لصالحهم.