الجديد

مواقع الآثار في ليبيا وقائمة التراث العالمي

قبل تناول الحديث عن مواقع الآثار في ليبيا وقائمة التراث العالمي يجب ان ننوه بأنه في عام 1982 دخلت ثلاثة مواقع اثرية في قائمة التراث العالمي التي تشرف عليها اليونسكو (شحات ولبدة وصبراتة) ثم اضيف موقعان جديدان هما الاكاكوس عام 1985م وغدامس عام 1986م، ومنذ السنة الاخيرة لم تستطع الدوائر الحكومية في ليبيا من إضافة اي موقع ليبي الى تلك القائمة بل ان الخطر هدد بشكل غير رسمي بشطب احد المواقع من تلك القائمة.

مواقع الآثار في ليبيا وقائمة التراث العالمي

ماهية قائمة التراث العالمي

 قبل تفصيل هذا يجدر التعرف على ماهية قائمة التراث العالمي التي يمكن تعريفها انها تحتوي على المعالم الطبيعية الفريدة والمواقع الاثرية والتاريخية المميزة التي ترشحها لجنة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو ليتم ادراجها في القائمة وقد انطلق هذا البرنامج بعد التوقيع على اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي التي وقعتها 189 دولة في 16 نوفمبر عام 1972، وتتألف قائمة التراث العالمي حتى عام 2012 من 962 موقعا منها 745 ممتلكا ثقافيا و 188 طبيعيا و29 مختلطا وهذه المواقع موزعة على 157 دولة. وتعد ايطاليا اكثر دولة سجلت بها مواقع في تلك القائمة حيث سجلت 47 موقعا تليها اسبانيا 44 موقعا ثم الصين 43 موقعا.

والهدف من هذا البرنامج اعداد قائمة تعرف بهذه المواقع الثقافية والطبيعية المميزة للجنس البشري لغرض حمايتها وتسجيلها دوليا كما ان ادراجها يعني الاهتمام بها دوليا ومتابعتها ودعمها ماديا لضمان بقاءها للاجيال القادمة، وعلى الرغم من هذا فهي ملكا للدول التي تقع داخل حدودها.

وهناك اجراءات على كل دولة اتخاذها لتسجل بعض مواقعها في قائمة التراث العالمي فيجب عليها ان تقوم بعملية جرد لمواقعها الثقافية او الطبيعية وتضعها فيما يسمى القائمة الاولية (tentative list) وهذه القائمة ضرورية لان كل دولة لا تستطيع ان ترشح اي موقع للتسجيل الا من خلال هذه القائمة الاولية وهذه القائمة لا تحتاج الا التعريف بكل موقع من حيث وصفه وموقعه وصور له وابراز مميزاته.

معايير قائمة التراث العالمي

 عندما ترغب الدولة ان تتقدم ببعض مواقعها من خلال القائمة الاولية للتصويت عليها فهي ملزمة بالتعاون مع اللجان الفنية التابعة للجنة التراث العالمي ان تجهز ملف (Nomination file) له مواصفات خاصة ويكون بالموقع المختار المعايير التي اتفقت عليها لجنة التراث حتى تقنع به اللجنة المسؤولة عن الموافقة على اختيار المواقع والتصويت على قبولها والتي تجتمع سنويا. وعند دراسة الملفات المقدمة تختار بعض المواقع التي تستوفي الشروط والمعايير وترد ملفات بعض المواقع لاستكمال الشروط واعداد الملف من جديد وتقديمه في الدورة السنوية التالية.

وتوجد عشرة معايير منها ستة للمواقع الثقافية واربعة للمواقع الطبيعية يجب ان يتوفر على الاقل احداها في الموقع الذي سيتم اختياره والذي يجب ان يكون عمره اكثر من مائة عام بالنسبة للمواقع التاريخية او الثقافية حتى يدخل قائمة التراث العالمي، حيث يجب ان يكون الموقع المختار ذو قيمة استثنائية عالمية مميزة سواء من حيث الفترة الزمنية التي يعود اليها او موقعه المميز او جمال ما يبرز من بقاياه او ما يعبر عنه الموقع من انجاز ثقافي او عمراني او هندسي او حضاري او علمي، اي يعبر عن منجزات الانسان الحضارية في جوانب حياته المختلفة والتي من شأن ابرازها والمحافظة عليها ان يعكس قيمة انسانية حضارية للجيل الحالي واجيال المستقبل.

فمثلا الفن الصخري في جبال الاكاكاوس الليبية وضعت في قائمة التراث العالمي لانها تعكس حضارة مميزة وقيمة فنية لانسان عصور ما قبل التاريخ في ليبيا بما تقدمه لوحاته الفنية من ثقافة ذلك الانسان في الفترة الزمنية التي عاش فيها، كما اختيرت ثلاث مدن اثرية في ليبيا هي لبدة وصبراتة وشحات والاخيرة يعكس تاريخها فترة حضارية مميزة من تاريخ ليبيا القديم امتدت ما يقرب من 1270 سنة وما اظهرته آثارها من معالم اثرية تجذب الانتباه وتشد الانظار فهي بحق تحفة فنية استثنائية مميزة.

اما لبدة فهي تعد مدينة رومانية متكاملة تعد من ابرز المدن الرومانية في العالم فهي تستحق ان تكون جزء من قائمة التراث العالمي، اما صبراتة فهي شأن مدينة لبدة ابرز آثارها ترجع للعصر الروماني والتي أهلتها ان تكون جزء من تلك القائمة، وفي الختام مدينة غدامس هذه المدينة المتكاملة المميزة بمعمارها وتاريخها والتي تعكس تراث ثقافي لمدينة صحراوية تجارية، لذا ضمت الى قائمة التراث العالمي.

اضافة مواقع الآثار في ليبيا لقائمة التراث العالمي

 هذه المواقع تعد قليلة مقارنة بما تملكه ليبيا من ارث حضاري وثقافي موغل في القدم تمثله الكثير من المواقع والمدن الاثرية التي تدل معالمها على اهميتها وانها يجب ان تضم الى قائمة التراث العالمي على سبيل المثال مدينة جرمة الاثرية واهميتها التجارية الصحراوية، والرسوم الصخرية في العوينات ومناطق جنوب شرق ليبيا، وهناك كهف هوا فطيح بما يمثله من تسلسل حضاري لانسان ما قبل التاريخ وهو مميزا على مستوى الشمال الافريقي، وهناك مدينتي توكرة وطلميثة وما تملكه من معالم اثرية مميزة.

ولا ننسى مدينة سوسة بتاريخها القديم وآثارها البيزنطية المميزة ايضا، وهناك مدينة قرزة الاثرية باضرحتها الشهيرة وكذلك الاودية الليبية وما تملكه من اضرحة ليبية مميزة، يضاف اليها فيلا سيلين بما تملكه من فسيفساء وزخارف رائعة، وهناك جبل نفوسة وما يملكه من مدن تاريخية ومعالم مميزة وطرازا فريدا، ومدينة طرابلس القديمة.

وسبقت الاشارة الى ان ليبيا لم تضيف اي موقع ثقافي الى قائمة التراث العالمي منذ عام 1986 على الرغم من وجود محاولات لم تكتمل، وللأسف فإن ليبيا حتى الان لم تجهز اية مواقع وتضيفها الى القائمة الاولية والتي منها ترشح الى القائمة النهائية، فعلى مصلحة الاثار ان تكلف لجنة مختصة تقوم بالعمل على تسجيل المواقع الثقافية والطبيعية الجديرة ان تضم الى قائمة التراث العالمي وان تكون على اتصال مع مندوبية ليبيا في اليونسكو التي تمدها ببعض المختصين الدوليين الذين سوف يساعدوا في اعداد الملفات والتقارير الفنية التي من شأنها ان تساعد في اختيارها ضمن قائمة التراث العالمي.

كما على مصلحة الاثار والدولة الليبية المحافظة على المواقع الليبية المدونة في تلك القائمة من حيث صيانة معالمها دوريا وحمايتها من الاعتداءات البشرية فمثلا عانت آثار مدينة شحات لاسيما مقابرها القديمة من الكثير من التعديات مما ادى الى ارسال اليونسكو بعض لجانه للتحقق من الظروف التي تمر بها آثارها والتي هددت شفويا من شطب شحات من القائمة والحمد لله لم توضع شحات حتى الان في قائمة الشطب، كما ان الاعتداء على بعض رسوم الفن الصخري في الاكاكاوس يعد ناقوس خطر ايضا يدعو الى حماية مواقع الآثار في ليبيا حتى تبقي في القائمة بل ونضيف مواقع اخرى مستقبلا.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-