باهور لبيب هو رائد الدراسات القبطية وأول مصرى يتعلم الهيروغليفية، تمتد جذور عائلة باهور لبيب إلى صعيد مصر فوالده اقلاديوس يوحنا غبريال منقريوس لبيب الميرى.
نشأ و ترعرع فى مير فى مديرية أسيوط 60 كيلو مترا شمال بحرى أسيوط و هى تعتبر فى متوسط المسافة بين المنيا و أسيوط.
موطن باهور لبيب وحياته
تقع مير على بعد 7 كيلو مترات غربى القوصية و هى بلدة عريقة كانت عاصمة للبلاد المصرية خلال الأسرة السادسة فى العصر المصرى القديم و هى على مقربة من الدير المحرق.
وكان والد اقلاديوس يدرس اللغة القبطية لرهبان الدير و كان اقلاديوس يصاحب والده عند زيارته للدير و هو دير المحرق ويقع على بعد 12 كيلو متر غربى القوصية.
وبلدة مير لها تقاليدها و عاداتها و عائلاتها مترابطة وكانت عائلة اقلاديوس تعرف بعائلة غبريال منقريوس لبيب و شهرتها الأبالب أو اللبايب جمع لبيب أو اللبالبة و كانوا ينتسبون مع مختلف العائلات فى البلدة و مع مرور الزمن نزح رجال العائلة منها و لذا لا توجد حاليا أسماء تحمل لقب لبيب فى مير.
وقد قال الأستاذ شاكر باسيليوس أستاذ اللغة القبطية السابق بمعهد الدراسات القبطية بالقاهرة عن أسرة غبريال منقريوس بأنها عرفت منذ القديم بإهتمامها بعلوم الكنيسة و كتبها و كان أفرادها أراخنة تلك الكنائس و منهم من إشتهر بنسخ الكتب القبطية نسخا أية فى الجمال والجلال.
دكتور باهور لبيب فى إستقبال الإمبراطور هيلاسلاسى إمبراطور أثيوبيا عند زيارته للمتحف القبطى |
طفولة باهور لبيب
ولد يوم الثلاثاء 19 سبتمبر 1905 فى ضاحية عين شمس فى بيت أبيه افلاديوس بك لبيب و باهور هو أول أولاد افلاديوس و بقدومه كان والده فى وضع مستقر إجتماعيا و ماديا.
حيث كان أفلاديوس يمتلك مطبعة حديثة وكان معروفا على المستوى المحلى والدولى وكان مدرسا بالاكليركية وقد حصل على البكوية وترعرع باهور فى بيت والده الذى كانت تحيط به حديقة شاسعة بها كل الطيبات من الفواكة و الخضروات وجميع أصناف الطيور وكان من غير المسموح التكلم بغير اللغة القبطية و هكذا تعلمها باهور منذ الصغر و كان والده خير معلم فى هذا المضمار.
دراسة باهور لبيب
إنضم باهور لبيب إلى صفوف تلاميذ مدرسة الأقباط الكبرى مترسما خطا والده و أعمامه و قد أنشأ هذه المدرسة البابا كيرلس الرابع بالأزبكية بجوار الكنيسة المرقسية الكبرى و كان من البديهى أن يكون متفوقا فى اللغة القبطية.
فقد كان يعتز بخولاجى أخذه هدية من مدرسته لتفوقه فى اللغة القبطية عندما كان فى الصف الثانى و كان هذا الخولاجى قبطى / عربى من الحجم الصغير ذو غلاف أحمر سميك مطبوعا فى مطبعة والده و كان مكتوب على أخر صفحة فيه باهور 13 ميدان الخديو إسماعيل شقة 7 قصر النيل مصر و كان هذا عنوان سكن باهور لبيب فترة من زمان شبابه عقب رجوعه من ألمانيا.
الدراسة الثانوية
ثم إلتحق بمدرسة الخديوية الثانوية والتى كانت تعتبر أشهر مدرسة فى هذا الوقت فقد تخرج منها قاسم أمين وأحمد لطفى السيد ومصطفى كامل وسلامة موسى وغيرهم من زعماء و قادة مصر وفجأة توفى والده وكان باهور فى هذا الوقت لم يتجاوز ال 13 من العمر وفى العزاء و قف وألقى كلمة شكر باللغة القبطية للمعزيين.
الدراسة الجامعية
عقب حصوله على البكالوريا إلتحق بكلية الحقوق عام 1925 و فى ذلك الوقت كان قد تأسس قسم الأثار بكلية الأداب لتشجيع المواطنين المصريين على الإشتراك فى دراسة تاريخ بلادهم حيث كانت الغالبية من العلماء فى هذا الميدان من الأجانب.
وقابل باهور رئيس الجامعة أحمد لطفى السيد وأبدى له رغبته للإنضمام لقسم الأثار بجانب دراسته بالحقوق وإلتحق بالفعل وتول قسم الأثار إلى كلية الأثار عام 1970 وكان يدرس فى الكليتين فى نفس الوقت.
وكان إمتحان الليسانس فى الكليتين فى نفس الوقت فإختار باهور أن يتقدم لامتحان قسم الأثار و طالب بتأجيل إمتحان الحقوق وقد تم قبول طلبه ودراسته فى كلية الحقوق شجعته للقيام بدراسات عديدة للقانون فى العصر الفرعونى.
وكان يشترك فى الحفائر ويقوم برحلات الى المناطق الاثرية و يختلط مع الاثاريين المصريين والأجانب و حصل على ليسانس الاثار فى مايو 1930.
أساتذة الجامعة
كان من أساتذته الدكتور طه حسين وزادت الصلة و المودة بينهما ومن أساتذته كذلك:
- جارستانج
- جولينيشف
- يونكر
- كونتس
- نيوبرى
- بييت
- جورجى صبحى
- سليم حسن
- فاكينتيف الروسى
وقدر نيوبرى أهتمام باهور بالدراسة و مقدار إستيعابه الكتابة الهيروغليفية حيث أن أتقان باهور اللغة القبطية جعله يستوعب الهيروغليفية بسهولة و كان يزور أستاذه نيوبرى فى انجلترا عندما كان باهور يدرس فى المانيا.
و قال بيرسى نيوبرى لباهور عقب حصوله على الليسانس لقد أعطيناك كل ما نعلم وسنرسلك لمن يقدر أن يعلمك أكثر وكان المقصود بذلك هم العلماء الألمان الذين تتلمذ عليهم باهور أثناء دراسته لرسالة الدكتوراة فى المانيا ومنهم جرابو و زيتة.
الأساتذة المشرفون
كان المشرف الأساسى فى الجامعة هو دكتور هيرمان جرابو أكبر عالم للكتابة الهيروغليفية فى العالم و شارك معه العالم كورت زيتة رئيس قسم الاثار الفرعونية بمتحف برلين و قام هينريش شيفر و الكسندر شارف بالتدريس فى علم المصريات و فون كارل شميت فى القبطيات.
رسالة الدكتوراة
كان موضوع الرسالة هو الملك أحمس الأول طارد الهكسوس ومؤسس الأسرة ال 18 وقد تجول باهور فى جميع متاحف أوروبا دارسا كل ما تضمنته عن هذا الملك وفى مدى 4 سنوات أكمل دراسته للدكتوراة.
وكان هذا الإنجاز المبكر ملحوظا و سبب تساؤل من احد اساتذته من القاهرة للأستاذ المشرف على دراسات باهور وهو الدكتور جرابو أثناء زيارته لمصر لتفقد تلاميذه بألمانيا وكان رد جرابو كما سرد باهور.
قام جرابو بأخذ الاستاذ السائل الى حديقة منزله وأراه شجرة تفاح وقال إن الثمار على هذه الشجرة تنضج على مراحل و انه ينتظر حتى تنضج التفاحة فيقطفها أما التفاحة غير الناضجة فيتركها على الشجرة و ينتظر حتى تنضج وحينئذ يحين وقت قطفها وأن باهور كتفاحة وصلت لمرحلة النضج.
وكان الأستاذ أدولف ايرمان عميد الاثاريين الالمان استاذا لجرابو وقام جرابو بالأستاذ ايرمان واخذ منه موعد لكى يزوره باهور الذى إعتز بهذه الزيارة ويحتفظ بالكارت الذى أرسله له ايرمان لتحديد الموعد.
وأنهى باهور لبيب دراسة الدكتوراة فى المانيا عام 1934 وكان أول مصرى يحصل على الدكتوراة فى علم الاثار المصرية عن طريق تقديم بحث لهيئة جامعية حيث انه قبل ذلك كانت الدكتوراة المعطاة فخرية فقط.
ونشرت الجامعة رسالة الدكتوراة فى هيئة كتاب 1936 و ظهر على الغلاف تاريخ حصوله على درجة الدكتوراة بإمتياز فى 29 نوفمبر 1934 وقد أرسل الأستاذ رئيس لجنة مناقشة الرسالة تهنئة بنجاح باهور للحكومة المصرية عن طريق البارون فون شتور ز سفير المانيا فى مصر وأخذ الكثير من العلماء ببحوثه التى نشرها فى رسالته ونوهت دائرة المعارف البريطانية بأرائه فى الجزء ال 11 من طبعة عام 1961 تحت كلمة هكسوس.
وقد حصل الدكتور سليم حسن على الدكتوراة من فينا بالنمسا عام 1939 وساعده فى ذلك هيرمان يونكر مدير معهد الاثار الالمانى بالقاهرة وكان سليم حسن تتلمذ على يد أحمد كمال باشا الذى كان من رواد الرعيل الأول من الأثاريين المصريين.
التدريس بالجامعة
حصل باهور فى يونيو 1935 على وظيفة معيد فى معهد الاثار جامعة القاهرة و كلف بتدريس اللغة القبطية و تاريخ مصر اليونانى الرومانى بالرغم ان دراسته فى المانيا كانت فى العصر الفرعونى و توصل بمعونة دكتور طه حسين لتدريس ما أهله له تخصصه و هو العصر الفرعونى.
قام بتدريس اللغة القبطية و علاقتها بالمصرية القديمة ثم تدريس لهجات القبطية المختلفة و مقارنة أيهم أقرب للغة المصرية و أدخل طرقا جديدة فى تدريس طلبته مشجعا أياهم على البحث و الرجوع الى المراجع المهمة و أن يكونوا أراء شخصية و كان يهدى الطلبة المتفوقين كتبا علمية لتشجيعهم.
وكان معروفا بقدراته اللغوية و إجادته للكثير منها فبجانب العربية و الإنجليزية و الألمانية و الى حد كبير الفرنسية كان حجة فى القبطية والهيروغليفية والهيراطيقية والديموطيقية وأخذ دروسا فى الفرنسية ابتداء من عام 1936 وكتب فى ملاحظة أن الدروس كانت إسبوعية بتكلفة 50 قرشا فى الشهر.
المتحف المصرى
زار الملك فاروق المتحف المصرى فى أبريل عام 1945 و كان باهور من بين صفوف هيئة التشريفة و تم اشراكه فى ذلك عن طريق أصدقائه و معارفه و أطلع الملك خلال الزيارة على الغبن الذى تعرض له و أصدر الملك أمرا بإرجاعه توا لخدمة الحكومة كأمين فى المتحف المصرى و كان هذا فى أوائل 1945 و تدرج عقب ذلك لمنصب مدير المتاحف الإقليمية عام 1948.
الإنتقال إلى المتحف القبطى
تخصص باهور فى العصر الفرعونى منذ إختياره دراسة الأثار فرسالة الدكتوراة و مجال تدريسه بالجامعة و عمله فى المتحف المصرى و منصبه كمدير للمتاحف الإقليمية كان كله عن العصر الفرعونى.
فلم يسعد عند ترشيحه لمنصب مدير المتحف القبطى وأوضح للدكتور طه حسين ميوله وتخصصه فى العصر الفرعونى وقد عين مديرا لهذا المتحف عام 1951 وإستطاع ان يضع فى مكتبة المتحف الجزء الأكبر من مكتبة نجع حمادى.
كما عرض فى ابهاء المتحف ما أكتشف من اثار فى حفائر مار مينا و قام ببناء دور علوى يحتوى على قاعة للمحاضرات و كان يقوم بدور المرشد فى المتحف لكافة الأفراد و الأفواج الزائرة.
تعين باهور لبيب مديراً للمتحف المصرى
إنتدب مديراً للمتحف المصرى عند إكتشاف إختفاء عصى الملك توت عنخ أمون لما عرف عنه من الأمانة وحسن الإدارة ليشرف على التحقيق فى هذا الحدث.
وكان يمر بفترة عصيبة خلال هذه المدة و لم يكن مرتاحا خلال إدارته للمتحف المصرى و عرض عليه أن يستمر فى ادارته للمتحف المصرى لكنه أبى و أمضى سنة كمدير منتدب للمتحف المصرى.
دكتور باهور لبيب مع عضوى اللجنة الدولية لدراسة مخطوطات نجع حمادى |
الأوسمة وشهادات التقدير
- ميدالية ذهبية من الإمبراطور هيلاسيلاسى إمبراطور الحبشة
- وسام العالم من الدنمارك
- وسام الإستحقاق من درجة الصليب الكبير من ألمانيا الغربية عام 1976
- مفتاح مدينة ميونخ
- شهادات تقدير من ألمانيا و إيطاليا و تشيكو سلوفاكيا
الكتب والأبحاث
كتب باهور لبيب الكثير من الأبحاث والكتب فى العديد من المجالات وهى:
فى مجال الدراسات المصرية القديمة
- مختارات من القوتنين المصرية القديمة بمجلة القانون و الإقتصاد 1941
- ملك مصر نب بحتى رع الذى هو أحمس الأول بمجلة كلية الأداب جامعة القاهرة 1942
- مختارات من القوانين الجنائية بمجلة القانون و الإقتصاد القاهرة 1942
- الهكسوس عاصمتهم و مدة حكمهم بمجلة المقتطف القاهرة 1942
- لمحات عن بعض الدراسات المصرية القديمة 1947
- الدولة الإتحادية فى عصر الرعامسة لاللغة الألمانية 1948
- علامة النصر الفرعونية بمجلة الجمعية التاريخية المصرية 1949
- الوزير باللغة الألمانية 1950 9 / الملكية و الوزراء من أصل مصرى باللغة الفرنسية 1950
- الفرعون على راس السلطات فى مصر القديمة 1950
- الزراعة فى مصر القديمة بمجلة الريف 1954
- تعمير الصحارى فى التاريخ القديم 1960 بمجلة التوفيق العدد 8 يناير 1960 صفحة 15 و 16
- لمحات عن الفنون الجميلة فى الاثار المصرية مع دكتور محمد حماد 1916
- منصب الوزير أثناء حكم الرعامسة بالغة الألمانية 1969
- تشريع حور محب بالإشتراك مع دكتور صوفى أبو طالب رئيس جامعة القاهرة ثم رئيس مجلس الشعب فيما بعد و رئيس الجمهورية المؤقت بعد وفاة الرئيس السادات.
فى مجال الدراسات القبطية
- السيدة العذراء و الطفل يسوع نحت حجرى بالمتحف القبطى باللغة الإنجليزية 1951
- حفائر المتحف القبطى فى منطقة بومينا باللغة الإنجليزية 1953
- المتحف القبطى و حصن بابليون فى مصر القديمة باللغة الإنجليزية 1953
- الاثار القبطية برسالة جمعية ما مينا الخامسة 1954
- دليل المتحف القبطى قسم الأحجار بالجناح الجديد 1955
- مجموعة من 15 مخطوطة مصرية و قبطية قديمة لها أهمية دينية و موسيقية و فنية و تاريخية باللغة الإنجليزية 1956
- مخطوط موسيقى من العصر القبطى المبكر من 6 ورقات تاريخها ما بين القرن 5 و 7 ميلادى باللغة الإنجليزية 1956
- دليل مختصر للمتحف القبطى 1959
- الحياة اليومية فى الفن القبطى بالللغة الإنجليزية 1960
- العصر القبطى بمجلة محبى الفنون الجميلة 1961
- الفن القبطى باللغة الألمانية
- أثار فى المتاطق التى مرت بها العائلة المقدسة أثناء زيارتها لمصر 1969
- الفن القبطى فى العصر المسيحى المبكر بمجلة محيط الفنون دار المعارف 1971
فى مجال الدراسات اليونانية و الإسلامية
- السرابيوم معبد فى الإسكندرية بمجلة المقتطف 1944
- أمر سماح من العصر الفاطمى مؤرخ فى عام 1042 هجريا بالمتحف القبطى بالللغة الإنجليزية 1957
- الفن الإسلامى فى مصر باللغة الإنجليزية 1960
وفاة باهور لبيب
و قد توفى هذا العالم الكبير باهور لبيب يوم السبت 5 مايو 1994.
كتب السيرة الذاتية لباهور لبيب
- أحمس باهور لبيب بكالوريوس طب و جراحة من طب القاهرة و ماجيستير تاريخ قبطى و له أكثر من 150 بحثا علميا فى علوم الطب و المصريات.
- بافنوتى باهور لبيب له إهتمامات بالأثار القبطية و حاصل على بكالوريوس إدارة أعمال من تجارة حلوان و أتقن الحديث باللغة القبطية عن والده العالم الكبير.
مصدر المقال
مجلة راكوتى أضواء على الدراسات القبطية السنة السادسة العدد الأول يناير 2009.