قبل تناول الحديث عن منحوتة عبدي ميلكوتي والملك أسرحدون ننوه بأن مناسبة تنفيذ المشهد الفني هى إعتلاء الملك آشور – آخُ – إدِّن (اسرحدون) العرش الاشوري (680 – 669 ق.م). حيث امتنعت مملكة صيدون (صيدا) الواقعة على ساحل البحر المتوسط عن دفع الاتاوت المفروضة عليها.
قصة منحوتة عبدي ميلكوتي والملك أسرحدون
لذا فقد خصص ملك اشور الملك أسرحدون عامي 677 – 676 ق.م لمعالجة الاوضاع المرتكبة فبدأ بضرب هذا التحالف المعقود بين عبدي ميلكوتي وساندوراي: ((بخصوص ساندوراي ملك مدن كوندا وسيزو العدو اللدود والذي لم يحترم حكمي ولا هيبة الاله ولاجل هذا هو طلب الامان في جبال وعرة هب عبدي ميلكوتي ملك صيدا ذهب لمساعدته ودعوا اسماء الالهة العظام واحد بعد الاخر ووضعوا ثقتهم بقوتها اما انا فوضعت ثقتي لالاله اشور سيدي …))
ودارت المعركة بين المعسكران فاخبرنا عن مصير ملك صيدا قائلاً:- ((عبدي ميلكوتي ملك صيدا الذي لم يخف من ساداتي ولم يذعن لكلماتي والذي وثق بالبحر وانسل من سطوتي، ملك صيدون التى تقع وسط البحر… واصطدته كالسمكة وامرت بقطع راسه …))
فاستبيحت المدينة: ((… انا فاتح صيدا التي تقع وسط البحر، ومحطم قل سكانها واسوارها انا مزقتها والقيت بها في وسط البحر …))
ونقلت ممتلكاتها الى بلاد اشور: ((… حملت كل متاعه وممتلكاته نسانه، ابنانه وافراد قصرة والاحجار الكريمة والملابس الصوفية والكتانية ذات الالوان الزاهية والصناديق الخشبية وكنوز قصره بكميات هائلة … اخذت الماشية والاغنام والحمير باعداد لا تحصى الى بلاد اشور …))
كما طبق سياسة الترحيل السكاني بعد ان سيطر على المدينة وخيراتها. حيث استقبلت الجموع البشرية التي فتحت بلدانها بقوة السلاح الاشوري من الاقوام الجبلية وسكان بحر الغرب. بعد ان نظم شئونها بتعيين الموظفين الاشوريين عليهم. وألزمهم بدفع الاتاوات السنوية وفي طريق عودته الى بلاده اخذ اهالى صيدون بلا تعداد لاسكانهم هناك.
اما بالنسبة لـ ساندوراي فقد لاقى مصير نظيره الصيدوني نفسه. اذ اشار الى ذلك بـ: ((… اخرجته من الجبال كطير وامرت بقطع راسه…))
وما ان انتهت سنة 677 ق.م حتى خضعت مدينة صيدون للتاج الاشوري واحتفل بهذا النصر باقامة حفل موسيقي في عاصمته فقال: ((…ولكي اظهر قوة الهي اشور لكل الشعوب فلقد علقت رأس…عبدي – ملوكتي على رقاب نبلائهم باستعراض موسيقي في الساحة العامة في نينوى…)).
فخلدت المنحوتة هذه الاحداث بان ربط الملك الاشوري آشور-آخُ-إدِّن الذي كان يرتدي بزته العسكرية وحاملاً بيده اليمنى كاساً والصولجان باليسرى ويربط كل من ملك صيدون وحليفة بواسطة حبل دلالة على وقوعهم بالاسر قبل ان ينفذ بهما حكم الاعدام بقطع رووسهم.
المصادر
- الراوي، هالة عبد الكريم سليمان كرموش، المسلات الملكية في العراق القديم، دراسة – فنية، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة إلى كلية الآداب جامعة الموصل 2003.
- الفتلاوي، احمد حبيب سنيد، اسرحدون 680- 669 ق.م، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة الى كلية التربية جامعة واسط 2006.
- الحديدي، احمد زيدان، التوسع الاشوري في المدن الفينقية مابين 1115- 612 ق.م، بحث منشور في مجلة سومر.
- Luckenbill, D., D., Ancient Records of Assyria and Babylonia, Vol.II, (New York, 1926).
- Oded, B., Mass Deportations and deportees in the New Assyrian Empire, (London, 1978).
- Borger, R., Die Inschriften Asarhaddons Konigs Von Assyrien, (Osnabruck, 1967).