إن الإسلام جاء ليلبي حاجات الإنسان الروحية والدنيوية علي حد سواء حيث انعكس هذا المفهوم علي شكل العمارة الاسلاميه فأصبحت تتسم بالشمولية لكافة جوانب الحياة فأصبحنا نرى في العمارة الإسلامية عمارة المسجد وعمارة المدارس والقصور والحمامات والبيمارستان والأسواق والوكالات …الخ.
ونظم الإسلام أيضا طريقة التعامل بين الناس في البيع والشراء فأحل البيع والشراء وحرم الربا فأهتم المسلمون بالتجارة وبمنشآتها فرأينا الأسواق والطرق التجارية وبناء الوكالات التجارية لتكون مبيتا للتجار الغرباء عن المدينة وكذلك بضائعهم وبهائمهم ليجدوا فيها الراحة بعد عناء السفر وعرض بضائعهم في حوانيتها أو أفنيتها أو تخزينها في حواصلها و ممارسة البيع و الشراء وعقد الصفقات بها ومكان الحوض بوسط صحن الوكالة لشرب البهائم.
واختلفت عمارة الوكالات في البلدان الإسلامية إلا أن عمارة الوكالات في مصر كان لها سمات واضحة من حيث التخطيط العام المربع أو المستطيل والصحن الأوسط المكشوف والطوابق المتعددة حيث كانت تصل إلي خمسة طوابق في بعض الوكالات.
واختير مكان الوكالات ليكون في أول المدينة وبجوار الحمامات والبيمارستان لخدمة التجار وأيضا بجوار حوانيت البيطار وإصلاح المركبات لخدمة بهائمهم وبجوار الأسواق العامة لتسهيل عملية البيع و الشراء وكذلك الحال بالنسبة للمساجد لأداء فريضة الصلاة.
تاريخ وعمارة وكالة وقف قنصوه الأثرية
وتعتبر وكالة وقف قنصوه بمدينة المحلة الكبرى والتي شيدها الأمير محمد جلبي بن الأمير حسن جور بجي قنصوه سنة 1149هـ – 1736م من نماذج العمارة الإسلامية المدنية بدلتا مصر والتي تتكون من فناء أوسط مكشوف يحيط به من جوانبه الثلاث الجنوبية الشرقية، والشمالية الغربية، والجنوبية الغربية بمبنى مكون من ثلاث طوابق.
يشتمل هذا المبنى على حواصل لتخزين البضائع في الطابق الأرضي ويشتمل الطابق الثاني والثالث على عدد من الغرف الخاصة بنزلاء الوكالة من التجار الوافدين لمدينة المحلة الكبري المدينة التي أعطت لجغرافية تلك الوكالة دور كبير في أن تصبح في عصرها أحد المنشآت التجارية الهامة لمدينة صناعية و تجاريه ذات مكانه عظيمه.
وهي المدينة التي تعد من أهم المدن التي اشتهرت بالصناعة و التجارة في تاريخ المدن بمصر عبر عصورها فهي مشهورة بالديار المصرية وقد عرفت المحلة الكبرى قديما بمحلة شرقيون وهي ذات جانبين أحداهما صندفا و الأخرى شرقيون وقد وصفها ابن بطوطة أنها مدينه جليلة المقدار حسنة الآثار كثير أهلها جامع بالمحاسن شملها، و قال عنها ابن دقماق أنها مدينة كبيرة ذات أسواق وبها جامع ومدارس وقياسر وبزازين (صناع الحرير) وفنادق.
وذكرها اميلينو في جغرافيته باسم ديدوسيا وأطلق عليها المحلة الكبرى لأنها أكبر البلاد التي تحمل اسم محله بالديار المصرية وكانت قاعدة إقليم الغربية منذ العصر الفاطمي حتى سنة 1836 م واشتهرت بالعديد من محالج الأقطان ومصانع الغزل والنسج حتى الآن.
ولهذا أصبحت وكالة وقف قنصوه تتسم بشمولية عناصر الوكالة سواء علي حد موقعها الجغرافي أو في العمارة الإسلامية من حيث تخطيط بناء الوكالات التجارية من فناء مكشوف وطوابق كفنادق للإقامة وحواصل للتخزين وحوانيت للبيع والشراء واستخدام العقود والأقبية المتقاطعة في البناء بالإضافة إلي معظم عناصر الزخارف الإسلامية مثل زخرفة المفروكه والأشكال الهندسية النجميه وزخرفة الطوب المنجور.
وهو طوب صغير الحجم ملون بالأسود والأحمر كان يبُني في أشكال زخرفيه هندسية ليزين به مداخل المساجد والبيوت والمعروف بطراز رشيد أو طراز الدلتا وقد تزين به مدخل وكالة وقف قنصوه بأشكال هندسيه غاية في الروعة وإذا تم ترميم وإعادة تأهيل هذه الوكالة الأثرية يمكن أن تصبح مزار سياحي جيد ومركزا تجاريا هاما.