يرجع نسب الملك ادد – نيراري الثاني (911 – 891 ق.م) مؤسس الامبراطورية الاشورية الاولى (911-745 ق.م) الى الملوك الذين حكموا بلاد اشور خلال السنوات الاخيرة من تاريخها الوسيط. وهم على التوالي والده (اشور- دان الثاني) (934 – 912 ق.م)، واجداده الملك (تجلاتبليزر الثاني) (966 – 935 ق.م)، ابن (اشور ريش الثاني) (971 – 967 ق.م). كما عبر قائلاً: ((ابن اشور- دان الثاني ،.. ابن تجلاتبليزر الثاني، … ابن اشور ريش الثاني…)).
الملك ادد – نيراري الثاني سيرته الذاتية
مما تقدم يتبين لنا بأن الملك ادد – نيراري الثاني قد عاش في كنف العائلة الحاكمة في بلاد اشور. وهو احد ابنائها وتجري في عروقه دمائهم الملكية فورث عرشه من الاباء والاجداد.
فكان اول ملوك العصر الاشوري الحديث (911- 612 ق.م). ونجح في توسيع دائرة حكمه التي تضمنت سيطرته التامة على البلدان والممالك المجاورة. فصار مثالاً للبطولة والعظمة وقد حكم حوالي عقدين من الزمان ما بين (911 – 891 ق.م).
فأنقذ بلاد اشور من الضعف والتدهور بفضل صفاته القيادية فاتخذت الاوضاع السياسية منحى جديداً حتى اصبحت بلاده سيدة بلدان العالم القديم واقواها منذُ اواخر القرن العاشر قبل الميلاد وحتى السادس قبل الميلاد لذا عدهُ التاريخ القديم مؤسس المملكة الاشورية الحديثة.
و(ادد- نيراري) يعطي اسمه معنى (الاله ادد ساعدني)، و(ادد) هو اله العواصف القوي. وعرف عند السومريين باسم اشكور Iskur. وعرفه الاكديون باسم اداد Adad كما عرف بصيغة اددو Addu و اددا Adda. وعرف عند الساميين وير Wer ومير Mer.
وعبدته اغلب شعوب الشرق الادنى بصفته اله العواصف. وقورن باله الحوريين تيشوب Tesup. والكشيين عرفوه باسم بورياش Burias وهو ابن الاله ان AN (انو) او ابن الاله انليل Enlil وزوجته الالهة شالا Sala التي عوملت كزوجة للاله دكان Dagan ايضاً. وقد تكرر هذا الاسم ثلاث مرات في التاريخ الاشوري. وهم على التوالي (ادد – نيراري الاول) 1307 – 1275 ق.م. ومن ثم (ادد – نيراري الثاني) 911 – 891 ق.م. واخيراً (ادد – نيراري الثالث) 810 – 783 ق.م.
حملات مؤسس الأمبراطورية الآشورية الأولي العسكرية
بدأ الملك أدد – نيراري الثاني حملاته العسكرية بالتوجه نحو الجبهة الجنوبية قاصداً شمش – مداميق (shamash – mudammiq) ملك بلاد بابل الذي حاول ان يتوسع باتجاه مدن بلاد اشور لذلك تقدم (ادد – نيراري الثاني).
فأمن حدود بلاده الجنوبية وعقد معاهدة صداقة مع خليفته على العرش البابلي نابو – شومو – أوكن (Nabu – shumu – ukin). نصت على أن ((أدد – نيراري الثاني “ملك آشور” ونابو – شومو – أوكن “ملك بابل” زوجوا بناتهم فيما بينهم، وأقاموا صداقة مثالية وسلاماً مع بعضهم، لقد اجتمع شعب بابل وشعب آشور سوية ووضعوا حدوداً لهم)).
ومن بعدها توجه صوب الجبهة الغربية فسير العديد من الحملات العسكرية صوب القبائل الارامية. وهم من القبائل الجزرية التي نزحت من الجزيرة العربية واستوطنت في الاجزاء الشرقية من سوريا ثم هاجرت الى الشمال السوري.
أول الملك ادد – نيراري الثاني حملات العسكرية
وكانت اولى هذه الحملات ضد مملكة خانيكلبات Hanigalbat مملكة تقع شمال ما بين النهرين. وكان أغلب سكانها من الحوريين، وكان مركزها في وادي الخابور والباليخ. وعرفت في النصوص المعاصرة باسم مملكة ميتاني، وضد الـ تيماننتي Temannite احدى الاقوام الارامية الذين تجمعوا تحت قيادة ملكهم (نور – أدد Nur – Adad) عند مدينة بازوا pauza الواقعة قرب سفوح جبال كاشياري (طور عابدين)، والذين أخذوا بالتوسع على حساب الدولة الآشورية.
لذلك جهز أدد – نيراري الثاني حملة ضد تلك الأقوام تمكن فيها من هزيمتهم وملاحقة فلولهم الفارّة من مدينة بازوا إلى مدينة نصيبين Nasibina وسير حملات اخرى ضد زعيم ارامي اخر يدعى موكورو Mukuru وتمكن من هزيمته ثم واصل تقدمه ليفرض سيطرته على كامل الجبهة الغربية واصبحت من ضمن املاكه فاستلم الاتاوات منهم.
أما في الجهات الشمالية والشمالية الشرقية فلقد قاد حملتين، الأولى كانت في سنة 895 ق.م نتيجة للإضطرابات والتمردات التي حدثت في عدة مدن منها مدينة كومو Kummu أو قوماني الواقعة عند الزاوية الشمالية الشرقية من الحدود العراقية التركية حالياً.
وكذلك في إقليم خابخو يقع هذا الاقليم في المنطقة الممتدة من غرب بحيرة أورميا الى شرقي تركيا الحالية.
وبلاد نائيري مملكة ظهرت في القرن الثاني عشر ق.م، على شكل اتحاد بين شيوخ القبائل التي عاشت حول بحيرة وان والى نقطة التقاء فرعي نهر الفرات في تركيا.
ثم توسعت وأصبحت قوة كبيرة في شرقي بلاد الاناضول عرفت باسم مملكة أورارتو لذلك تدخل أدد – نيراري الثاني وقاد حملة عسكرية تمكن فيها من إعادة الأمن والاستقرار للمنطقة. وبذلك أصبحت تلك المناطق تابعة للدولة الآشورية وأصبح عليها أن تدفع هدايا الطاعة والولاء سنوياً.
المصادر
- باقر، طه ، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة الوجيز في تاريخ حضارة وادي الرافدين، الجزء الاول، الطبعة الثانية، (بغداد، 1986).
- محان ، محمد سياب ، المعاهدات السياسية في العراق القديم ، ط1 ،(دمشق ،2011).
- ساكز، هاري، قوة اشورة ، (لندن،1984)، ترجمة عامر سليمان، ( بغداد، 1999).
- الحديدي، احمد زيدان، الحس التاريخي في كتابات الملك الاشوري ادد- نيراري(الثاني) 911- 891 ق.م، بحث مقبول للنشر في مجلة لارك.
- Grayson, A.K, The Royal Inscripions of Mesopotamia Assyrian Periods, Vol.2 Assyrian Rulers of the Early First Millennium BC I (1114-859 BC), (London, 1991).
- Radner, K, &to others, The Prosopography of the Neo- Assyrian Empire, Vol. I, (Finland, 1998).
- Black, J, &, Green, A, Gods, Demons and Symbols Ancient Mesopotamia,(London, 1993).
- Kuhrt, A ., The Ancient Near East C . 3000 – 300 ;2B . C , Vol 2 , (New York , 2002).