الجديد

الاتاوات في العصر الآشوري الحديث

تفاخر ملوك بلاد اشور لاسيما في العصر الآشوري الحديث باستلام الاتاوات من ملوك الشرق الادنى القديم وهم صاغرون. اذ يترتب على ذلك تنظيم العلاقات ما بين المنتصر الملك الاشوري (المستلم للاتاوات) من جانب. وملوك الشرق الادنى القديم (الدافعين للاتاوات) من جانب اخر. وذلك بعد ان يتم جمعها منهم لتسلم الى الاول كدلالة على اعلان خضوعهم وتبعيتهم.

الاتاوات في العصر الآشوري الحديث

وهي بذلك تعكس علاقة غير متكافئة بين الجانبان. فتكون عبارة عن جبايات مقررة تفرض بشكل نظامي لبلاد اشور وهي متضمنه لـ انواع مختلفة من المواد التي تشتهر بها بلدانهم كالمعادن والاخشاب والاحجار والملابس فضلاً عن الحيوانات وغيرها وبكميات مختلفة والاتاوات هي التي تقرر التعايش السلمي بين الطرفين.

امثلة على استلام الاتاوات في العصر الآشوري الحديث

كما عبر الملك آشور-ناصر-آبلِ (آشور ناصربال الثاني) (883 – 859 ق.م) عندما استلم اتاوة ايلا-ابني السوخي مقابل تعهده بسلامته وسلامة افراد عائلته فقال: ((… حكام بلاد سوخو في عهد الملوك ابائي لم ياتوا الى اشور فان ايلا- ابني حاكم ارض سوخو جاء بنفسه الى نينوى حاملاً اتاوته من الفضة (و) الذهب لينقذ حياته (و) حياة اخواته وابنائه…)).

ونفذ ذلك بمنحوته بارزة بحقلين تبين الاعلى سكان بلاد سوخو وهم يحملون اتاواتهم على اكتافهم، اما في الحقل السفلي يتوسط الملك آشور-ناصر-آبلِ (آشور ناصربال الثاني) (883- 859 ق.م ) وهو جالس على عرشة ومن خلفة رجال بلاطة وهم يستقبلون الوفود وبدفع ملوك العالم القديم الاتاوات يعني ذلك تحويل مناطقهم الى توابع للتاج الاشوري ولا يحق لهم المطالبة بها او باستقلالها لتضاف الى خارطة بلاد اشور السياسية.

وكانت عمليات دفع الاتاوات الى المنتصر الآشوري تجري بمراسيم وعهود موثقة باداء القسم المقدس في حضرة الاله اشور. واذا حدث اخلال بالعهد كالامتناع عن دفع الاتاوات المفروضة على ملوك الشرق الادنى القديم يعني ذلك التخلي عن بنود العهد مما يترتب على الملك الآشوري تسيير حملة عسكرية.

كما يقول شَرُّوكين (سرجون الاشوري) (721 – 705 ق.م): ((…في السنة الرابعة من حكمي حنث كياكي حاكم مدينة شينوخو بالقسم الذي قطعه على نفسة للالهه العظيمة، تمرد علي وامتنع عن دفع الاتاوة استوليت على ثلاثين من عرباته و7350 من مقاتليه…)).

انواع الاتاوات في العصر الآشوري الحديث

ومن تحليل النصوص الملكية يمكن ان نتعرف على نوعين من الاتاوات التي كانت تدفع الى الملوك الاشوريين هما:

الاتاوات التي تدفع امام الملك الآشوري المنتصر

وهي تتم في منطقة محددة وغالباً ما تكون في مكان المعركة بعد انتهائها او في المعسكر الاشوري على ارض المملكة المفروض عليها دفع الاتاوات كما اكد الملك ادد– نيراري (الثالث) (810 – 783 ق.م) استلام اتاوة على ارض مملكة دمشق الارامية.

فقال: ((… وحاصرت في دمشق ملكها مرئي في عاصمته، فاستحوذ عليه خوف سيدي اشور، وقبل قدمي وخضع لي فأخذت منه 2300 مثقال فضة و20 مثقالاً من الذهب و3000 مثقال نحاس و5000 مثقال من الحديد، وأقمشة مختلفة الألوان، وأقمشة من كتان وأسرة من العاج ومقاعد من العاج المطعم بالذهب والمرصع بالحجارة وذلك في دمشق مدينته الملكية)).

اما شَرُّوكين (سرجون الاشوري) (721 – 705 ق.م) فقد اعلن سيطرته على مدينة دور-اتارا حصن مردوك-ابلا-ادينا بقوله:

((… مردوك-ابلا-ادينا (مردوخ- بلادان) سمع عن تقدم جيشي تحصن بجيشة في دور-اتارا ..هو… واهالي كامبولو ويستمر النص بذكر التعزيزات الدفاعية التي اقامها معسكر المتحالفين ونشر طوق امني حول المدينة وصل عددهم الى 600 مقاتل فضلاً عن حفر خندق وجلب الماء من نهر سورابو)).

الا ان هذه التحصينات لم تثني الملك شَرُّوكين (سرجون الاشوري) (721 – 705 ق.م) عن هدفه فتمكن من دخول المدينة بعد حصار دام ليوم واحد، دخلتها قواته قبل غروب الشمس فرحل منهم 16490 فرداً واستولى على مواشيهم واستقر فيها واستقبل على ارضها وفد رسمي يمثل الملوك حاملين اتاوتهم ليدفعوها في دور- اتارا لسيدهم الاشوري وهم كل من:

((…اناكو ملك مدينة زامي، نابو-اوسلا ملك مدينة ابورا…، سالو ملك مدينة ايبولي مع 5 زعماء لــ بوكودو ،… زعماء خيندارو جلبوا اتاوتهم خيول وماشية واغنام كاتاوة الى دور-اتارا وقبلو قدمي …فرضت الخدمة والعبودية عليهم كما فرضتها على كامبولو…)).

الاتاوات السنوية

وهي التي كانت تجمع في نهاية كل عام من المدينة وبشكل دوري ومنتظم لترسل الى الملك الاشوري كما قال سين-أخي-ريبَ (سنحاريب) (704 – 681 ق.م) عن اتاوة نظيره حزقيا ملك اورشليم (القدس): ((… وفرضت علية اتاوة سنوية على شكل هدايا لجلالتي،…. 300 طالنت من الذهب و800 طالنت من الفضة، احجار كريمة، الواحا كبيرة من الحجر الاحمر، ارائك مطعمه بالعاج وكراسٍ ومقاعد مطعمه بالعاج، جلود فيله، انياب فيله وخشب الأبنوس وثيابا ملونه…)).

وقد يتم دفع الاتاوات من قبل ملوك الشرق الادنى القديم بدون خوض حرب ضدهم كما هو الحال عندما انتشرت اخبار انتصارات ثالث ملوك العصر الاشوري الحديث (911 – 612 ق.م) آشور-ناصر-آبلِ (آشور ناصربال الثاني) (883 – 859 ق.م) في مدينة سورو حتى اسرع ملوك المدن المجاورة الى اعلان تبعيتهم فقال:

((بينما كنت في مدينة سورو فرضت اتاوة وضربة كبيرة على جميع ملوك ارض لاقو ذهب وفضة وقصدير وبرونز واواني برونزية وثيران واغنام وثياب المزركشة وبالوان متعددة وتلقت اتاوة حيانو رجل من مدينة حندانو فضة وذهب وقصدير وبرونز واحجار وصوف ارجواني وجمال وامرت بنحت تمثالي الملكي ودونت علية انتصاراتي (و) اقمته في قصره ووضعت مسلاتي ودونت عليها وصفاً بكلمات الثناء لي (و) جبروتي (و) ضعتها عند بوابته)).

مواد الاتاوات المستلمة في العصر الآشوري الحديث

من تحليل النصوص الملكية ذات العلاقة نلاحظ بان الاشوريين قد استلموا انواعاً كثيرة من المواد العينية يمكن تصنيفها الى:

المعادن بأنواعها

اذ يقول الملك توكلتي-ننورتا (الثاني) (890 – 884 ق.م) في اثناء حملته على مدن الفرات الاوسط بانه استلم اتاوة من ايلا – ابني السوخي بـ: ((… استلمت اتاوة ايلا–ابني حاكم ارض سوخو ثلاثة طالنت من الفضة 20 طالنت من الذهب، والعاج، والبرونز…)).

المواد المصنعة

وهي كالاواني والاطباق والكوؤس فضلاً عن الاخشاب. فيقول آشور-ناصر-آبلِ (آشور ناصربال الثاني) (883 – 859 ق.م):

((… والملابس المصنوعة من الكتان بالزخارف الملونة ، تسلمت اتاوة الطاعة والولاء من ملوك ساحل البحر… والأواني النحاسية تسلمت اتاوة…، تلقيت… والأخشاب المختلفة الأنواع… تسلمتها منهم…)).

الحيوانات

كما اكد الملك توكلتي-آبِل-اشرّاَ (تجلاتبليزر الثالث) (745 – 727 ق.م) فقد استلم الاتاوات من شمشي ملكة العرب قائلاً:

((… جمال ذوات سنامين، ماشية واغنام لاحصر لها استلمت…)).

وخلد ذلك على مشهد فني اذ بين الملكة العربية وهي مرتدية ثوباً طويلاً مزركشاً مع عباءة تغطي راسها وتحمل بيدها اناء بينما ترفع الاخرى الى الاعلى وتسير حافية القديمن وتجر اتاوتها من الجمال لتسلم الى سيدها الملك الاشوري.

اهم المصادر المعتمدة

  • حبيب، طالب منعم، سنحاريب سيرته ومنجزاته 704- 681 ق.م، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة الى كلية الاداب جامعة بغداد 1986.
  • الحديدي، احمد زيدان، الملك الاشوري تجلاتبليزر الثالث 745-727 ق.م، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة الى كلية الاداب جامعة الموصل، 2001.
  • الحديدي، احمد زيدان خلف صالح، علاقات بلاد اشور مع الممالك الحثية الحديثة في شمال سورية (911-612 ق.م) ، اطروحة دكتوراه غير منشورة مقدمة الى كلية الاداب جامعة الموصل، 2005.
  • الراوي، شيبان ثابت، اشورناصر بال الثاني 883- 859 ق.م سيرته واعماله، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة الى كلية الاداب جامعة بغداد، 1986.
  • Grayson, A,K, The Royal Inscriptions of Mesopotamia Assyrian Periods, Vol.2, Assyrian Rulers of The Early First Millennium BC I (1114-859 B.C.), ( Toranto, 1991).
  • Grayson, A. K. The Royal Inscription of Mesopotamia Assyian Periods, Vol. 3, Assyrian Rulers of the Early First Millennnium BC II (858- 745 BC), (Tornto, 1996).
  • Curtis, J.E, &Tallis, N, The Balawat Gates of Ashurnasirpal II, (London,2008) , Fig.68, P.169.
  • Tadmor . H . ” the Histoical Inscription of Add- Nirari III ” IraqVol 35 . part -2- . 1973.
  • Tadmor, H, The Inscriptions of Tiglath-Pileser III King of Assyria, (Jerusalem,1994).
  • Luckenbill , D. D .The Annals of Sennacherib, (Chicago,1924 ).
  • Luckenbill, D, D, Ancint Records of Assyra and Babylonia,( New York, 1927), Vol.II.
  • Hiedel , A . ” the Octagonal 1 Sennacherib prism in IraqMuseum ” , Sumer. vol 6 . 1953 , pt 1.
  • Olmstead, A,T,History of Assyria, (London,1952).
  • Milliard , A . R . Aded – Nirrari III in SyriaIraq . vol 35 . part -1 – 1973.
  • Oates , D . Excavation at tell All – Rimah, Iraq . vol 30 . 1968 .



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-