الجديد

المبادلات بين قرطاج ومصر

لا تتعرض المصادر الأدبية البتّة إلى المبادلات بين قرطاج ومصر ، لذلك تعتمد المعلومات التى سنوردها على ما تقدمه التنقيبات الأثرية من نتائج. لاحظ چون ڤركوتيه (J.Vercoutter)* غزارة اللقى المصرية أو المتأثرة بالفن المصرى داخل الأثاث الجنائزي القرطاجي، ويتعلّق الأمر غالبا بلقى ذات أحجام صغيرة نذكر من بينها الجعلان والتمائم.

المبادلات بين قرطاج ومصر

من هنا سعيت للإجابة عن سؤال هام أوّلا وهو كيف بلغ هذا الإنتاج أرض العاصمة البونية؟ مستعرضا للغرض كلّ الاحتمالات الممكنة وهي على التوالي: خط يمرّ عبر منطقة إتروريا*. وخط برّى إفريقى. وخط بحرى إفريقى. وأخيرا خط يمر عبر جزيرة صقلية.

قرطاج ومصر

إستطاع چ.ڤركوتيه إبراز الصعوبات التى تقف حائلة أمام إمكانية القبول بفرضية الخطين الإفريقيين (برّا وبحرا)، مقصيا فى الآن نفسه إمكانية العبور عبر منطقة أتروريا، وهو ما ترك أمامه خيارا وحيدا يتمثل فى هذا الخط الذي كان يمرّ بحرا عبر أقصى غرب جزيرة كريت ليبلغ بعد ذلك جزيرة صقلية ومنها قرطاچ وهو حط تعوّد التجار الفينيقيون اتباعه.

لذلك لم يستبعد هذا الباحث إمكانية أن يكون التجار القرطاجيون قد قاموا بالنسج على منوال هؤلاء متبعين فى ذلك نفس العادات البحرية، ومن المعلوم أن نقط التجارة المصرية التى تردد عليها التجار القرطاجيون كانتا مدينة ممفيس ونوكراتيس.

من جهة ثانية وفي محاولة تحديد هويّة المتحكّمين فى هذه المبادلات دافع چ.ڤركوتيه عن فكرة أن يكون هؤلاء الإغريق، لئن أثبتت الحفريات الأخيرة الرؤية التى قدّمها هذا الباحث بالنسبة إلى الخط التجارى فإن الأبحاث تميل أكثر فأكثر إلى تفنيد ما ذهب إليه بالنسبة لهوية أصحاب هذه التجارة، لذلك إن ما وقع العثور عليه من وثائق أثرية فى موتيي تثبت بطريقة جليّة ضعف التأثيرات الإغريقية على نقيض التأثيرات المصرية.

من المفيد في هذا الإطار التذكير بالنصوص المكتشفة فى معبد توفاة هذا الموقع، وما تحمله من نحوت هى أكثر ارتباطا بالفن المصرى كما هو الحال فى توفاة صلامبو بقرطاج، ومقدس بعل حمّون* بهادريم (سوسة)، وهو ما حمل س.موسكاتي (S.Moscati) مثلا على القول أن هذه التجارة كانت بيد القرطاجيين.

أخيرا يبدو أن المبادلات بين قرطاج ومصر كانت تمر عبر صقلية قد مسّت فى الآن نفسه جزيرة سردينيا كما توحي بذلك التأثيرات الفنية -وحتى الدينية والعقائدية وغيرها- المصرية الملحوظة على أنصاب سلكيس و على مذابح تارّوس. يقول المؤرخ اللاتينى بليني الأكبر:”البونيون* هم من إخترع التجارة”.

تعريفات

  • البونيون: أو البونيقيون وهم الفينيقيون الغربيون أوما يصطلح عليه لفظا القرطاجيون.
  • بعل حمّون: كبير أرباب قرطاج.
  • چون ڤركوتيه: عالم مصريات فرنسي الجنسية.
  • إتروريا Etruria: وسط إيطاليا قديما.
  • في الصورة: إعادة تخيل لمينائي قرطاج التجاري (مستطيل الشكل) والعسكري (دائري الشكل) في العصر الروماني.



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-