جغرافيا وحدود مصر قبل تناول البحث ننوه بأنه يشهد التاريخ كله بل والعالم كله شرقه وغربه بان مصر تعتبر من الدول القلائل في التاريخ البشرى المعروفة الحدود منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا، بل ويقال حتى وقتنا المعاصر بان حدودنا لم تتغير منذ الاف السنين، حتى منطقة غزة الان بالرغم من احداثها السياسية والاحتلال الصهيوني لها، الا انها في عقل وقلب الفكر المصرى والسياسة المصرية؛ لشعورنا بانها جزء لا يتجزأ من جغرافيتنا السياسية والحدودية.
وكذلك المناطق في الجنوب اما في الشرق والغرب فلا خلاف على ذلك منذ فجر التاريخ حتى الان، حتى في الأقاليم التي دخلتها مصر بطريق الحرب او الغزو، فهى معروفة تماما، وحتى وان حدث انكماش للسيادة المصرية، فدائما ما تعود الى حدودها الطبيعية بدون انقاص شبرا واحدا من سيادتها لا قديما ولا حديثا سواء كانت مصر مستقلة او تحت الولاية المملوكية او العثمانية أو تحت نير الاستعمار الانجليزى، وهذه الحدود الطبيعية ليس عليها خلاف على الاطلاق.
وفى عرف علم الجغرافيا السياسية اجمع العلماء بلا استثناء وكذلك المؤرخون بان هناك كيانات في العالم تتمتع بخصائص جغرافية أدت بها الى قيام خصائص حضارية وثقافية ثابتة، تجعل منها كيانات من الصعب تغيرها او تغير حدودها، ولقد حدد علماء الجغرافية السياسية عددا من الدول في العالم تمتعوا بهذه الخاصية، وعلى راسها مصر بطبيعة الحال، وكذلك دول أخرى لا تتعدى أصابع اليد الواحدة وهم الصين والهند وإيطاليا وانجلترا، وبنظرة سريعة على هذه الدول نجدها من أصحاب الحضارات الكبرى في التاريخ البشرى.
علم الجغرافيا السياسية
وعلم الجغرافيا السياسية هو من العلوم التي لها تعريفات كثيرة، بل ومختلفة بين أطياف العلماء المتخصصين في هذا العلم، ولكننا ناخذه هنا بتعريفه العام الذى لا يختلف عليه أحدا، وهو ان علم الجغرافية السياسية هو العلم الذى يدرس الأرض بوصفها وطنا للإنسان ومن حيث هي وطن هذا الانسان، وهو العلم الذى يدرس الأرض والانسان معا.
وفى لمحة سريعة عن تاريخ هذا العلم، وبتوثيق في العصر الحديث نجد ان العالم تنبه له مع احداث الحرب العالمية الثانية، وحيث ادعى الزعيم هتلر انذاك بحقوق المانيا والنمسا التاريخية والضائعة، وبدا يعد الخرائط لذلك ولغزو العالم من ناحية واسترداد حقوق الرايخ القديمة من ناحية أخرى.
وهكذا بدا العالم في التخطيط لهذا العلم منذ ذلك الحين الى ان جاء عام 1967م، ليشهد التطور الهائل في علم الجغرافيا السياسية وخاصة بعد احتلال إسرائيل لارض فلسطين وسيناء، والادعاء بحقوقها التاريخي الضائعة، الى ان جاء عام 1990م واصبح هذا العلم يدرس في معظم جامعات العالم بل وعمل الدراسات العليا فيه والأبحاث المختلفة.
نشأة علم الجغرافيا السياسية
ولكن كما هي العادة الغربية دائما ينكرون فضل علماء العرب حتى في هذا العلم من جذوره، وخاصة ان اول من يطلق هذا اللفظ في التاريخ البشرى كان العالم العربى المسلم المؤرخ العظيم ابن خلدون، الا ان العرب انفسهم لم يعترفوا بابن خلدون الا في بداية حقبة الستينات، انما علمه اتخذته اوروبا انذاك في القرن الخامس عشر وخاصة اسبانيا أولا، واستخدمته في حدودها مع فرنسا والبرتغال.
ثم جاء العالم الالمانى راتزل (1844-1904) وانشا علم وفلسفة الجغرافيا السياسية كعلم سياسى، وليس علما يدرس في المدارس والجامعات، وهذا العالم الالمانى قد تاثر به هتلر كثيرا واتخذه نبراسا له في حربه العالمية، والادعاء بحقوق الرايخ التاريخية في مناطق مثل بولندا وأوروبا وغيرها.
وبعد هذه المقدمة السريعة في هذا العلم، وجب علينا نحن المصريين معرفته كثقافة عامة، ولو حتى لم نكن دارسين لهذا العلم، وخاصة لما تشهده مصر الان من تطورات سياسية وجغرافية ومشاكل جغرافية مثل مناطق حلايب وشلاتين، وفى مناطق النوبة جنوبا، او حتى في مشكلة جزيرتى تيران وصنافير.
جغرافيا وحدود مصر
فالحدود المصرية معروفة منذ فجر التاريخ، وهى حدود معروفة منذ ما قبل عام 3200 ق.م. وخاصة انه من السهولة معرفة كل ذلك؛ لان التاريخ المصرى لحسن الحظ بدا مع مناطق مصر العليا ومصر السفلى وكذلك شبة جزيرة سيناء ومنطقة رفح وغزة، وليس هناك اية صعوبة يمكننا معها البحث في الأوراق والمواثيق، حتى انه في تاريخنا القديم ومع ضعف التاريخ المصري في أواخر الاسرة 26، وانفصال غزة عن مصر، وأقيم آنذاك إقليم غزة او امارة غزة، كانوا خط الدفاع الأول ضد الغزو الفارسى على مصر، وقاوموا الاحتلال الفارسى بكل قوة، حتى انهارت امام القوة الفارسية واحتلال الفرس لها ونهاية تاريخ منطقة او امارة غزة، ودخول الفرس الى مصر واحتلالها وبداية التاريخ الفارسى على مصر.
ويدل كل ذلك امام التاريخ والعالم بان حدود مصر معروفة منذ فجر التاريخ، حتى وان كانت هناك مناطق اهملت في حقبة من حقبات التاريخ المصرى الا ان المصرى القديم لم يتركها لغيره قط او يهملها الإهمال الكامل، وهذا كله ما سوف نعرفه في بحثنا هذا عن مصر التاريخ والحدود والجغرافيا السياسية.
ولنا في هذا المضمار للسهولة البحثية بان نقسم جغرافية مصر وحدودها عقب المراحل المختلفة في التاريخ المصري، بداية من عصر ما قبل توحيد القطرين وقيام اول مملكة في التاريخ البشرى وهى الممكلة المصرية.
جغرافيا وحدود مصر في عصور ما قبل الاسرات
يرجع التاريخ المصرى القديم الى ظهور ثلاثة حضارات في وقت واحد، وهما حضارة الشمال، وحضارة الجنوب، وحضارة سيناء، وكلها ظهرت في وقت واحد ومن انسان واحد وهو الانسان المصري القديم، فأصل التواجد لهذا الانسان في صحراء سيناء وارض وادى النيل جاءت مع الهجرة البشرية الأولى للإنسان بعد احداث الطوفان العظيم.
الدخول الى ارض مصر
ولقد دخل الرعيل الأول الى ارض مصر عن طريقين احدهما في الشمال والاخر في الجنوب، حتى استقر الانسان الأول على هذه الأرض المباركة، وأصبحت هذه ارض المصريين، وشهدت اول توحيد وأول حضارة بشرية على الاطلاق، وهذا ما يؤكد ويثبت الوجود الحضارى في عدة مناطق مختلفة في مصر وفى وقت واحد، ويدلنا هذا من ناحية أخرى مادام هناك وجود حضارة فهناك أيضا وجود على الأرض التي يعيش عليها هذا الانسان، ولنتعرف على كل ذلك ببسطة وجيزة.
الدخول الأول من ناحية الشمال
ان الدخول الأول الى ارض مصر كان عن طريق شبه جزيرة سيناء، وبطبيعة الحال دخلوا ارض مصر عن طريق مناطق غزة وسيناء والوصول الى مناطق دلتا النيل.
بالنسبة لارض سيناء
ففي سيناء ظهر آنذاك ما يعرف باسم (حضارة تمنا)، والتي تعود الى عام 4000 ق.م، وكما قال العالم الالمانى المتخصص في حضارات سيناء وهو (روتنبرج) بانها اقدم من حضارة وادى النيل نفسها بعدة قرون، وهى نفسها الحضارة التي اخذت على تطوير نفسها، والتى ظهرت بثوبها الجديد في عام 2500 ق.م، وكانت موازية لعصر بناء هرم الملك خوفو.
ففي حضارة تمنا القديمة بقدم التاريخ تم اكتشاف العديد من المقابر بالمنطقة وأدوات حجرية واثار حربية، وهذا يؤكد من ناحية أخرى بداية تعرف المصرى القديم على ارض سيناء، والتوغل في ارض سيناء ومعرفة ثرواتها الطبيعية واهمية المنطقة لحدوده الوطنية.
ويقال بان حضارة تمنا شملت مناطق غزة ورفح وطابا بل وامتدت حتى منطقة سرابيت الخادم ويدل التوغل المصرى القديم في ارض سيناء، وهذا كله قبل ظهور اول ملك او فرعون او حاكم مصري وهو عقرب الأول في عام 3200 ق.م، وفى هذه الحقبة ظهرت هذه الحضارة ورموزها، وظهر الاسم الأول التاريخى لسيناء وهو (توشيريت = ارض الجدب والعراء)، وهذا يدل أيضا على بداية ظهور اللغة المصرية القديمة من ناحية أخرى.
ومن المعروف تاريخيا بانه قبل ظهور الملك مينا موحد القطرين ظهرت القاب خمسة ملوك من قبله، وهم بالترتيب الملك عقرب الأول، والملك أرى حور، والملك كا، والملك واز (الثعبان)، ثم أخيرا الملك عقرب الثانى، ثم بعد ذلك بما يقرب من خمسون او أربعون عاما ظهر الملك مينا والذى اخذ لقب موحد القطرين.
ففي هذه العصور السحيقة ظهر الانسان المصري على ارض سيناء، وفى الموازى له كان هناك مصريين في مناطق الدلتا يؤسسون حضارة الدلتا او حضارة مصر السفلى في عصر ما قبل توحيد القطرين.
بالنسبة لحضارة الدلتا او الشمال
مما لا شك فيه بان النزوح المصرى الأول الى مناطق الدلتا كان اتيا من سيناء وتاسيس مناطق حضارية كبرى وهي:
- مرمدة بني سلامةوتقع على الحافة الغربية للدلتا شمال غرب القاهرة بنحو 50 كم، وللأسف هذه المنطقة الحضارية لم يتم العمل بها بجدية كبرى بالمقارنة بباقى مناطق الحضارات في عصور ما قبل الاسرات، ولكن يلاحظ في طرق دفن الموتى في هذه الحضارة وغيرها من الأشياء كانت ماشبهه تماما لما كان يحدث في حضارة تمنا بسيناء، وهى تناسب أيضا نفس الحقبة الزمنية، ومن هذه المنطقة بدا أيضا الانتشار البشرى وظهور حضارة بوتو في الشمال وكذلك حضارة المعادى وحلون، ويتضح من هذا كله وفى تلك العصور تحديد مناطق التجمعات السكانية، سواء كانت في سيناء او في دلتا النيل وقيام المراكز الحضارية كذلك، ولو نظرنا بنظرة سريعة على تلك الحدود الجغرافية منذ تلك العصور السحيقة وحتى الان نجدها لم تتغير بل توسعت فقط.
- حضارة اون قبل توحيد القطرين (المطرية الان)وهى المنطقة التي قامت البعثة الامريكية الكبرى بالبحث فيها في حقبة التسعينات ولاكثر من عشرة أعوام كاملة، والتي اثبتت ابحاثها بانها اول منطقة حضارية في التاريخ المصرى، والتي ترجع الى ما قبل توحيد القطرين، وهى الحضارة التي ظهرت منها اول نظرية للخليقة والتي عرفت فيما بعد باسم (نظرية هليوبليس للخليقة وظهور تاسوع هليوبليس)، وفى ذلك أبحاث كثيرة ومقابر ودفنات، مما يدل على التواجد الحضارى أيضا في هذه المنطقة.
الدخول الأول من ناحية الجنوب
ان الدخول المصرى الأول من ناحية الجنوب سواء عن طريق البحر او الترحال، فنجد ظهور اول مناطق حضارية قديمة وحتى قبل ظهور منطقة نخن كاهم مناطق الجنوب او عاصمة الجنوب قبل التوحيد، فنجد المراكز الحضارية.
- حضارة دير تاساوهي قرية صغيرة على الشاطئ الشرقي للنيل بمركز البداري بمحافظة أسيوط، حضارتها قامت حوالي 4000 ق. م، وكان الموتى يكفنون في جلود الحيوانات والحصيرة، وكانوا يدفنون ناظرين تجاه الغرب، وهى نفس طريقة الدفن في سيناء والدلتا مع اختلاف واحد فقط وهو ان هناك كان نظر المتوفى نحو الشرق وليس الغرب، ومن مميزات تلك الحضارة صناعة الفخار الأسود، ويعتقد أن هذه الحضارة طور من أطوار حضارة البداري.
- حضارة نقادة الأولى والثانيةوهى احدى مناطق محافظة قنا الان، وكانت تتميز بالتقدم الاقتصادى والفنى، ولقد قسم العلماء حضارة نقادة الى ثلاثة مراحل حضارية، والأخيرة كانت مع توحيد القطرين في عام 3200 ق. م.
- حضارة البدارىوهى منطقة البدارى التي في أسيوط الان، وهي تعتبر من أقدم المناطق الزراعية في التاريخ، وأول حضارة زراعية كبرى في التاريخ البشرى وليس في ارض مصر فقط.
- حضارة الكابوهى التي يقال عنها اول عاصمة لجنوب مصر قبل التوحيد، وهى اول حضارة تظهر بعد الشلال الأول في جنوب مصر، وفى بعض الدراسات يقال بانها ظهرت أولا في عصور ما قبل الطوفان، ثم في عصر ما بعد الطوفان وهى المنطقة التي عاش بها نبي الله ادريس كما في بعض المراجع الدينية، واسم منطقة الكاب أصلا كما يقول البعض مشتقة من كلمتين وهما (كا و اب) وهذا يعنى كا = النفس، اب = القوة النفسية ( كااب = النفس والقوة النفسية)، وهى تبعد عن اسوان بحوالي 150 كم وعن ادفو 20 كم.
وهذه مناطق مصر الحضارية في عصور ما قبل قيام الاسرات والدالة على الوجود المصرى شمالا وجنوبا، شرق حيث البدو وغربا حيث بدو الصحراء الغربية أيضا في تلك العصور، ولكن المشكلة الكبرى آنذاك لم يكن هناك تسجيلا لتلك الخرائط والمناطق ولا حتى علم الجغرافيا السياسية التى يتشدق بها البعض، وهى كلها مناطق حضارية تثبت الوجود المصرى واصالة حدوده الجغرافية منذ اقدم العصور.
جغرافيا وحدود مصر في العصر العتيق (الاسرات الأولى والثانية)
ان العصر العتيق هو العصر الذى شمل كلا من الاسرتين الأولى والثانية، وخاصة انه بدا منذ قيام الملك مينا ووحد القطرين شمالا وجنوبا وقيام مملكة مصر الموحدة، وفى هذه الخريطة توضح تماما مناطق مصر الحضارية شمالا وجنوبا وكذلك منطقة سيناء، وان كانت المسميات المختلفة والاقاليم باسمائها بصفة عامة لم تظهر كاملة الا في أواخر عصر الاسرة الخامسة.
ونحن هناك في بحثنا هذا لن نتكلم عن حضارية المناطق ولكن عن جغرافيا المناطق وحدود مصر، والذي عرف منذ فجر التاريخ وخاصة لاهتمام المصرى القديم ومنذ العصور السحيقة بحماية حدوده، وحددها من حيث الحدود الشرقية او الغربية او الجنوبية لانه لم يكن متخوفا قط من الحدود الشمالية او حدوده الشرقية من ناحية البحر الأحمر.
منطقة سيناء والبدو والحدود
فمن ناحية الحدود الشمالية الشرقية (سيناء)، فلقد عرفنا بان اول اسم لها كان (توشريت = ارض الجدب والعراء) ثم ظهر في عهد الاسرات الأولى اسما اخر لها وهو (حوريب = الخراب)، وهما يعتبران من اقدم الأسماء تاريخيا التي اطلقت على سيناء.
بل الادهش من ذلك بان المصرى القديم نفسه في تلك العصور السحيقة رغب في التوسع واكتشاف مناطق سيناء، ونذكر منهم الملك (سمرخت) من الاسرة الاولى قد وصل الى سيناء وهو اول من يطلق عليها اسم (سن = المدببة)، وذلك ينطبق على طبيعة ارض سيناء وهى مدببة السن الى أسفل، وهى المنطقة التى تعرف الان باسم رأس محمد، ويقال بان هذا الملك اول من يدخل تلك المنطقة فى التاريخ البشرى كله، وعرف ما بها من خيرات الارض والاحجار وكذلك الاحجار الكريمة.
وهناك دلائل اخرى كذلك على وصول الملك (نى نتر) من الاسرة الاولى الى تلك المناطق، وهو اول من حارب البدو الساكنين بها (حضارة تمنا)، وانه وصل الى منطقة طابا حيث يوجد هؤلاء البدو، وكذلك منطقة رفح والتي عرفت باسم (رابيا) آنذاك لحماية الحدود ومشاكل بدو سيناء مع ملوك مصر في التاريخ كله.
![]() |
منطقة سيناء والبدو والحدود |
مناطق الصحراء شرقا وغربا
في هذه العصور العتيقة لم نسمع اية مشاكل على الاطلاق بين مصر وبين ساكنى الصحراء سواء الشرقية او الغربية منها مثلا واحة سوية حيث سكانها الأصليين من الامازيغ.
مناطق الجنوب
كانت حدود مصر في هذا العصر العتيق لها سيادة حتى الشلال الأول وهو جنوب مدينة اسوان.
وهكذا كانت جغرافية مصرفى العصر العتيق حيث الدلتا ثم أقاليم مصر الوسطى او مصر العليا الممتدة من المنيا حتى نهاية الشلال الأول، وظهرت مناطق هامة أيضا لمصر مثل السويس والعريش والتي كانت تعرف باسم (لاريس)، وكل هذا يدل ويثبت بصريح العبارة الحدود المصرية منذ اقدم العصور، ولو تتبعنا ذلك بحقوقنا السياسية والتاريخية والجغرافية سيعرف العالم اجمع بان كل هذا ليس لإسرائيل دخلا بذلك، وانه حتى بعد ظهور بنى إسرائيل فليس لهم اى حق تاريخى على الاطلاق ولو بذرة واحدة من تراب سيناء او غير سيناء في مصرنا الحبيبة.
جغرافيا وحدود مصر في عصر الدولة القديمة
في عصر الدولة القديمة بدأت خريطة جغرافيا وحدود مصر توضح بصورة اكثر فاعلية وخاصة في الجنوب، وحيث الرحالة الأوائل في نهر النيل والوصول الى مناطق الشلال الثانى وغيره وخاصة في عصر الاسرة السادسة.
منطقة سيناء والبدو والحدود
ان منطقة سيناء ومناطق البحر الأحمر بداوا في عصر الدولة القديمة في الظهور الفعلي والموثق، وخاصة لبداية حفر القنوات وخلافه، ففى منطقة سيناء ظهر التوغل المصرى للبعثات الكثير، وكانت من أهمها بعثة الملك (سنفرو) من الاسرة الثالثة وارسال الحملات لاحضار احجار هرمه والجرانيت الذي يحتاجه لبناء هرمه، وغيره من ملوك الدولة القديمة للبحث عن المعادن المختلفة والتي تشتهر بها سيناء.
وهناك تم تأسيس منطقة الحدود والتي كانت تنقسم الى قسمين، قسم يدخل الان في حدود منطقة غزة، وجزء حدودى اخر يدخل في منطقة رفح، فمن الأمور المنسية في تاريخنا المصرى القديم وما اكثرها هو ان منطقة جنوب غزة تعتبر من الحدود المصرية الاصيلة منذ فجر التاريخ وكان يطلق عليها اسم (غزاتو).
ومن العجائب التاريخية أيضا وعدم دفاعنا عن تاريخنا القديم وحقوقنا التاريخية، ظهر هذا المصطلح بفضل الله عن طريق إسرائيل نفسها وعندما فجرت للعالم في عام 2002م ما يعرف باسم (حضارة ايلات)، وتكلمت من منطقة غزة وانها ذكرت في التاريخ المصرى القديم باسم (غزاتو)، فاين كنتى يا إسرائيل في تلك الحقبة التاريخية من الزمان، وان ظهورك أصلا كان بعد ذلك بأكثر من الالفين عاما، وان الحمد لله رب العالمين غزة مصرية منذ قدم التاريخ، وبشهادة إسرائيل نفسها وبخطأ تاريخى لم تقصده، اه يا عصابة الصهاينة دمركم الله عما قريب.
منطقة غزة
ولو تحدثنا عن منطقة غزة كمنطقة حضارية مصرية اصيلة نجد بان المنطقة تعتبر من أقدم المدن التي عرفها التاريخ، فلقد ظهر هذا المسمى اول ما اظهر عن طريق التاريخ المصرى القديم والتي عرفت باسم (غزاتو)، ثم ظهرت عند الكنعانيين باسم (هزاتى)، ثم بعد ذلك عند الاشوريين باسم (عزاتى)، ثم عند اليونانيين باسم (فازا)، وعند العبرانيين باسم (عزة)، وفى عهد الحروب الصليبية باسم (غادرز)، ثم أخيرا في العهد العثمانى ظهر الاسم العربى لها وهو (غزة) والذى يلتصق بها حتى الان.
وفى متون الاهرام من الدولة القديمة قد ذكرت ولاكثر من مرة (قلعة البحيرات المرة = كم ور) الأمرالذى يشير إلى تحصينات عسكرية أو مبانى إدارية كانت قائمة فى تلك البقعة آنذاك.
ونجد فى نصائح الملك اختوى من الاسرة العاشرة لابنه فى ذلك العصر المضطرب، نجد ان الملك يطلب من ابنه وخليفته على العرش بأن يعتنى وريثه بإتمام التحصينات والإستحكامات العسكرية عند وإلى الشمال من منطقة البحيرات المرة، بل إنه يطالبه بحفر أخدود عميق هناك لكى يتم أغراقه بالماء عساه أن يكون عائقا ورادعا أمام أولئك الذين يعيشون على السلب والنهب، وان هناك منطقة هامة (منطقة القنطرة شرق الان) قد عمرت بمدن مليئة بالسكان من خيرة اهل مصر كلها، وذلك لدحر الخطر عن تلك المناطق.
منطقة الجنوب والحدود المصرية
ان ترسيم الحدود المصرية في الجنوب قد بدات بالفعل منذ عهد الملك مينا وتوحيد القطرين، والتي عرفت في النصوص باسم (ترسيم الحود الجنوبية)، والتي ترسمت الى ما بعد الشلال الأول في عام 3200 ق. م، وقد أفردنا بحث كامل لها من قبل على الموقع تحت عنوان “مصر وبلاد النوبة منذ أقدم العصور دراسة كاملة“.
منطقة الصحراء الشرقية والغربية والحدود
توجد في مصر صحراتين شاسعين وهما الصحراء الشرقية والصحراء الغربية.
الصحراء الشرقية
وهى الواقعة في شرق النيل وممتدة في مصر من صحراء السويس بامتداد غرب البحر الأحمر حتى حدود السودان وفيها جبال البحر الأحمر، وهى بمساحة 225 الف كم مربع، وهذه المساحة لم تتغير على مدار التاريخ.
الصحراء الغربية
وهى الصحراء الكبرى، والتي تشغل مساحة 681 الف كم مربع، والتي تمتد من غرب النيل، وتتميز بوجود الواحات بها مثل الفيوم والواحات البحرية والفرافرة والداخلة والخارجة وأخيرا واحة سيوة، وبذلك تمثل مساحة الصحراء الغربية ثلثى مساحة مصر وهى بطول الف كيلو متر من الشمال الى الجنوب، ومساحة 600 كم من الشرق الى الغرب.
وتعتبر واحة الداخله من اقدم هذه الواحات من حيث الاستيطان بزمن الى ما قبل التاريخ، كذلك كما توجد بها اثار لتلك التجمعات البدائية التي سكنتها، ولذلك كانت لها مكانة خاصة عند المصريين القدماء باعتبارها نقطة اتصال عند الدخول والخروج في قلب الصحراء الغربية، وكذلك كدرب وسط بالاتصال بمصر الوسطى وكما ظهر في تقسيمات الأقاليم المصرية قديما.
ولقد عرفت هذه الواحة اول ما عرفت في عصر الدولة القديمة تحت مسمى (أوحات رسيت = الواحات الجنوبية)، ولكننا لانعرف في حقيقة الامر اذا كان هذا الاسم اطلق على واحة الداخلة فقط ام على كل واحات الصحراء الغربية؟، كما ظهر أيضا اسم اخر لهذه الواحة باسم (باتسنو إن أوحات) وكانت لها عاصمة إدارية باسم (تسي تسي = قطع الأرض وشقها للزراعة) او في لفظ اخر (دس دس) حيث وفرة العنب والبلح وعمل النبيذ المصرى القديم من العنب.
ولقد عثر في هذه الواحة على اقدم اثر مصري قديم يعود الى عصر الاسرة السادسة وهى مقبرة (بلاط)، وبها نقش يقول بانه اقوى حكام الصحراء في عهد الملك بيبى الثانى، ولكن للأسف الشديد اسم هذا الحاكم غير معروف حتى يومنا هذا، وكذلك في منطقة (عين اصيل) عثر فيها على مساكن المدينة، والتي كانت مشيدة من الطوب اللبن، وكان يحاط بها سور ضخم ويتوسطها قصر الحاكم الذى كان مقرا لادارة شئون المدينة، كما عثر فيها ايضا على مقاصير لعبادة بعض الالهة المصرية وأخرى خاصة بالهة الواحة.
واحة سيوة
تعتبر واحة سيوة من المناطق الحدودية الهامة في ارض مصر، حيث انها لا تبعد عن الحدود الليبية سوى 40 كم فقط في العمق الصحراوى، ولقد عرف المصرى القديم واحة سوية منذ اقدم العصور ولقد جاء ذكرها أيضا من عصر الدولة القديمة.
ومن المعروف بان المصرى القديم اهتم اول ما اهتم وكما سبق الذكر بتامين حدوده، وكما عرفنا حتى الان ومن تلك المناطق الحدودية كانت واحة سيوة، والتي كان يسكنها سلالة من الامازيغ منذ العصور السحيقة، ولكن هذا المسمى حديث نسبيا ولذلك علينا الرجوع الى اصل التسمية في التاريخ المصرى القديم.
وكان اول ظهور لهذه المنطقة بكل تدقيق كان في عام 2700 ق.م.، عندما قامت قبائل هذه الواحة بمهاجمة الدلتا وهم المذكورين باسم قبائل (التمحو والتنحو)، وكانوا يتخذون من واحة سيوة مركزا لهم، ولذلك قام الملك سنفرو حسب نصوصه بمهاجمة الواحة والاستيلاء عليها، ولم نسمع اية مشاكل عن ذلك على الاطلاق حتى عهد الدولة الوسطى، وفى هذا التاريخ نجد ان اسم هذه الواحة قد اتخذ مسميات متعددة، وان كان اقدمها اسم (ثات) وكذلك اسم (سيخت ام = ارض النخيل) وكان اخر اسم مصري لها في العصر المتأخر (واحة امون) اما في العصر البطلمى فقد ذكرت باسمين وهما (بنتا أو واحة جوبيتر امون).
ولقد عرفها العرب باسم (الواحة الأقصى)، وهو الاسم الذى ورد في خطط المقريزى بينما ذكرها ابن خلدون في تاريخه باسم (تنسيوة)، وهو اسم عربى لفرع من قبائل الزنتانة في شمال افريقيا، اما الادريسى عرفها باسم (سنترية) وقال بانه يسكنها قوم خليط من الامازيغ والبدو.
وبرجوعنا الى التاريخ المصرى القديم منذ احداث الملك سنفرو، فعرفنا بان المصريين كانوا يجلبون منها البلح لكثرة أشجار النخيل بها، ولم نعرف اى مشاكل عنها سوى في عهد الملك سنوسرت الثانى في الاسرة 12، فلقد قام الملك سنوسرت الثانى بقتالهم عندما اعادوا الكرة بالاغارة على مناطق الدلتا، وطردهم من الواحة والهروب في الصحراء الى المنطقة الليبية، حيث واحة جغبوب الان، وكان ذلك في عام 1970 ق.م.
اما في الدولة الحديثة في عهد الملك امنحتب الأول في عام 1547 ق.م، كان الملك مشغولا في حربه مع بلاد النوبة، وقامت تلك القبائل بالهجوم على مصر من المنطقة الليبية، مما دفع الملك بالتصدى لهم وانزل بهم خسائر فادحة حسب نصوص هذا الملك، وكانت اخر مشاكل مصر مع الاقوام الليبية تلك التي حدثت في عهد الملك مرينبتاح، وصد هذا الفرعون تلك الهجمة الكبرى الليبية برا وبحرا وانزل بهم خسائر فادحة كثيرة، ولم نسمع عن واحة سوية بعد ذلك الا في العصر البطلمى.
وهكذا نكون قد استوفينا باختصار شديد الحود المصرية في مختلف الاتجاهات في عصر الدولة القديمة.
جغرافيا وحدود مصر في عصر الدولة الوسطى
ان مصر في عصر الدولة الوسطى كانت خارجة من عصر الاضمحلال الأول مما دفع البعض الى الاغارة عليها سواء في سيناء او في مناطق الجنوب، ولذلك سنهتم هنا في هذا العصر جغرافيا وحدود مصر الشرقية وهى سيناء وكذلك الحدود الجنوبية وهى بلاد النوبة حيث لا تغير مطلقا وكما سبق القول سواء في الحدود الشرقية او الغربية حيث الصحراء الشرقية والصحراء الغربية.
ولكن ما تميز به هذا العصر هو ظهور عاصمة جديدة لمصر وهى واحة الفيوم والبزوغ الحضارى المصرى وكذلك منطقة الفيوم وفى راى الخاص الشخصى بان عصر الدولة الوسطى هو درة تاج الحضارة المصرية القديمة ولا شك في هذا على الاطلاق.
الفيوم عاصمة مصر
يرجع تاريخ الفيوم كمناطق حضارية واستيطانية الى عصور ما قبل التاريخ، ومع بداية عصر الاسرات وتوحيد القطرين وتحديد المقاطعات المصرية أصبحت الفيوم احدى مقاطعات مصر او جزء من المقاطعة رقم عشرين من مقاطعات الوجه القبلى ويقال بان عاصمتها كانت (اهناسيا).
وكان اول ذكر لها يبدا مع عصر الدولة الأولى حيث قام الملك مينا بعمل سد ترابى امام فتحة اللاهون فوق القاع الحجرى لبحر يوسف الذى عمقته مياه النيل انذاك الى منسوب 17 مترا، وكانت الاراضى الصالحة للسكن عن منسوب 2 مترا، وهكذا ظهر آنذاك شرق المنخفض حيث استوطن الانسان ضفاف بحيرة موريس وعملوا بالزراعة وصيد الأسماك ثم بداية توسيع مناطق الفيوم على مدار التاريخ.
وكان ملوك الاسرة الثالثة يحصلون على الأحجار من جبل القطرانى في مبانيهم وفى الاسرة الرابعة، وبالأخص عند بناء هرم الملك خوفو استخدموا هذا الحجر في تبليط معبد الهرم وكان ذلك في عام 2600 ق.م.، ولقد عرفت المنطقة في عهد الدولة القديمة باسم (شديت = الجزيرة)، ولكن هناك راى اخر يقول بانها منذ القديم عرفت باسم (بر سوبك = بيت التمساح) حيث ان الاله سوبك كان الهة هذه المدينة في العصور القديمة، ولذلك اطلق عليها البطالمة اسم (كروكوديل بوليس) اما الرومان فاطلقوا عليها اسم (بايوم) وفى علاقة الباء والفاء من المسمى جاء اسم (فايوم) ومنها في العربية (فايوم).
وفى حقيقة الامر فان هذه المدينة بكل المقاييس شهدت عصرها الذهبى في عصر الدولة الوسطى وبالاخص في الاسرة 12 حيث أصبحت عاصمة مصر، واخذت اسم (اثت تا وى = القابضة على الارضين) وظلت في ازدهار تاريخى كامل منذ عام 1891 حتى عام 1778 ق.م، ولقد اهتم ملوك هذه الاسرة جميعهم بمنطقة الفيوم بدون استثناء وجففوا أجزاء كبيرة من البحيرة والاهتمام الكامل بالزراعة، والذى بدا من عصر الملك امنمحات الأول واصلح مجرى بحر يوسف واقام السدود، وفى عهد الملك امنمحات الثالث أسس مشروعات الرى واستصلاح الاراضى التي كانت تغمرها بحيرة موريس وشيد معبده عند مدينة ماضى.
ان مدينة الفيوم اليوم تعتبر من اهم المناطق الاثرية في مصر، ولكن للأسف الشديد لا تاخذ حقها على الاطلاق سواء على المستوى البحث الاثرى اوعلى مستوى التسويق السياحى وهذا من شديد الأسف والغضب على هذه الحضارة والمنطقة المهملة.
سيناء والحدود المصرية في عصر الدولة الوسطى
في عصر الدولة الوسطى شهدت سيناء نشاطا ملحوظا واهتماما كبيرا وخاصة لبناء قناة سيزوستريس والتي تربط بين البحر الأحمر ونهر النيل، وهذا الاهتمام الملحوظ والنشط تاكد لنا بان المصرى القديم اهتم أيضا بحدوده والمحافظة على تراب هذا الوطن الغالى من اى غدر محتمل في المستقبل القريب او البعيد وخاصة مشكلة مصر الدائمة في حدودها الشرقية وفى ارض سيناء الحبيبة.
ومع حكم الملك امنمحات الأول مؤسس الاسرة 12 نجد اهتماما شديدا بمنطقة البحيرات المرة وإقامة القلاع والاستحكامات العسكرية وهى المناطق التي كانت من السهل اختراقها وذلك بطول الشريط الشرقى المواجه للدلتا والذى يمر بمنطقة البحيرات وصولا الى تل الفارما عند شاطىء البحر والى الجنوب الشرقى من بورسعيد الحالية.
وذلك بهدف منع تسربات غير قانونية وبدون ترخيص من السلطات المصرية عند (را بح = رفح الحالية) وذلك من جانب الاسيويين وان يقضى تماما على كل الهائمين على الرمال اى المتشردون من عصابات الصحراء وهذا هو خط التامين الهام الذى عرفته النصوص المصرية انذاك تحت مسمى (حائط الحاكم).
قصة (سنوهى) من عصر الدولة الوسطى
وهنا في التدقيق الدراسى نجد قصة شهيرة تشير الى منطقة سيناء والحدود، وكيف كان حال التامين الحدودى آنذاك سواء في الخروج او الدخول الى ارض مصر وهى قصة (سنوهى) من عصر الدولة الوسطى وبالأخص في عهد الملك امنمحات الأول، وخاصة انه كان احد رجال بلاط الملك، وبما كانت لديه آنذاك من سلطة كبيرة في البلاد. وهو الذى هرب من مصر عقب اغتيال الملك واتهامه في هذه القضية، وهى من اشهر القصص في التاريخ المصرى القديم.
ويقول سنوهى بالنص:
(وكنت قد وصلت الى حائط الحاكم ذلك الذى اعد لمنع تسرب الاسيويين ولكى يدحر هؤلاء الهائمين على الرمال من عصابات المجرمين واختبأت فى ظل شجرة حتى لايلمحنى الحراس الواقفين على سطح برج الحصن فى نوبتهم النهارية حتى جاء المساء وواصلت المسير. ولما أشرقت شمس الصباح وصلت الى بقعة (بتن = بقعة عند شمال البحيرات المرة) بعدها توقفت عند البحيرات المرة. وكدت ان اموت من العطش والجوع لولا تعرفت على احد مشايخ البدو الذى اكرمنى وشربنى واطعمنى وكان هو وبعضا من رفاقه ممن سهلوا لى طريق الهروب من الاراضى المصرية بعد ان عرفوا ظروفى ووصلت الى بلاد الشام والتى عشت فيها لاكثر من ثلاثون عاما).
وفى هذه القصة كاملة نتعرف على كيفية خروجه سرا من منطقة رفح الى غزة ومنها الى بلاد الشام وكل هذا يشير بوضوح الى الحدود المصرية وكيفية حمايتها ودقة حراستها وانها لم تكن منسية في التاريخ المصرى القديم وكما يدعى البعض.
وبعد سنوات طويلة (حوالى 30 عامًا أو يزيد) عاشها رجل البلاط الهارب فى جنوبى بلاد الشام، إشتعل قلبه حنينا إلى أرض بلاده متمنيا أن يدفن فى ترابها وقد صار شيخا عجوزا، وبعد أن استرحم الملك (سنوسرت الأول) فى مراسلات عديدة جاءه العفو الملكى وسمح له أخير ابالعودة إلى أرض مصر، وهنا أيضا نجد أن أبناء سيناء هم الذين صحبوه منذ دخوله تراب مصر عند جنوبى فلسطين (في غزة ثم منطقة رفح) إلى أن أوصلوه إلى نقطة الحراسة والتفتيش بالقرب من القنطرة شرق الحالية.
فمن هذه القصة الكاملة كما في سرده التاريخى يوضح لنا بصورة لا تقبل الشك الحدود المصرية والحراسات وما الى غير ذلك، ومن اهم مميزات هذه القصة انها وضحت لنا بصورة جلية لا شك فيها حسب النصوص عن الرتب العسكرية ومناطق سيناء واهلها من البدو الذين ساعدوه، وروى لنا الكثير من المناطق فى سيناء وأمدنا بعلومات وافية دامغة والتى من اهمها اهتمام المصرى القديم بهذه المناطق وبحرص شديد وليس كما غالط فى الامر بعضا من المدارس الاثرية.
ومن ناحية أخرى في عهد الدولة الوسطى ظهرت مسميات جديدة لارض سيناء مثل (بياو = ارض المناجم) الا ان بعض الاثاريين يقولون بان هذا الاسم كان معروفا منذ عهد الدولة القديمة، ولكن في عهد الدولة الوسطى ظهر اسم (دو مفكات = ارض الفيروز) وفى نصوص أخرى كانت باسم (خاست مفكات) الا ان البعض قال بان ها الاسم ظهر في الدولة الحديثة.
ظهور وحفر قناة سيزوستريس
ومع ظهور وحفر قناة سيزوستريس ظهرت مناطق مصرية كبرى كحصن حصين لحماية الحدود المصرية على البحر الأحمر ومنطقة سيناء ويمكننا ذكر ذلك بصوة مبسطة مختصرة دون التوغل الكامل ويمكن لحضراتكم الوصول الى التفاصيل الكاملة عن طريق المراجع والنصوص المصرية، وكانت من اهم هذه المناطق على سبيل المثال لا الحصر
- بلوز = الفارماوهى منطقة تابعة لمدينة بورسعيد الان، وهى نفسها المنطقة التي بنى فيها الهكسوس مدينة ملاصقة لها تحت مسمى (جات أو رات) وبنوا عليها القلاع العظيمة والحصون ووضعوا بها حامية قدرها مائتا ألف جندي.
- ثارو او حصن ثارو = تل ابو صيفىالان فى مدينة الاسماعيلية.
- سيكوت = تل المسخوطةوهى فى مدينة الاسماعيلية الان، وكانت من اهم التحصينات قديما، ومعقلا رئيسيا لحراسة الحدود، وكانت مركزا حربيا وبحريا هاما فى الجزء الخلفى من منخفض بحيرة التمساح، وعلى مسافة قريبة منها كانت تقع مدينة (تاو باستو) والتى اقيم على انقاضها قرية العباسية الحالية، وهى مدينة اغريقية اقيمت على انقاض المدينة المصرية القديمة فى العصر الاغريقى.
- القلزم = السويسوقد اثير الجدل قديما وحديثا حول هذه المنطقة ولكن الارجح انها كانت هى نفسها مدينة سيكوت، وهو الاسم الفرعونى القديم لها، ولقد ذكرت فى نصوص ترجع الى عام 2563 ق. م من التاريخ المصرى القديم، ويقال انها تل المسخوطة السابقة الذكر، وكلمة سيكوت باللغة المصرية القديمة تعنى الثغر، ثم ظهر لنفس المنطقة اسما اخر فى التاريخ المصرى وهو (بيثوم او يوسويس) وكانت من المدن الرادعة للغزاة، ثم ذكرت فى العصر البطلمى باسم (هيروبوليس = مدينة الابطال).وفى عصر بطليموس الثانى تغير الاسم الى (كليزما = نهاية الطريق) والتصق بها ايضا حتى العهد البيزنطى فى مصر، ومنه جاء اسم القلزم فى العهد الاسلامى.وامتدادا لهذه المدينة جنوبا وخاصة فى القرن التاسع الميلادى 861- 896 فى عهد الخليفة (خمارويه بن احمد بن طولون)، اصدر مرسوما بالغاء جميع الاسماء القديمة لتعود السويس الى اسمها الاساسى وتصبح السويس ميناء اساسيا لمصر على البحر الأحمر وتعتبر السويس سليلة القلزم او كليزما.
- تل حبوة = سيناءيقع تل حبوة على مسافة 3 كم شرق قناة السويس الى الشمال الشرقى من مدينة القنطرة شرق، وكذلك شمال شرق طريق القنطرة-العريش الحالى، وقد ورد ذكر الموقع للمرة الأولى في المقال الشهير للعالم الاثارى الانجليزى (الان جاردنر) عام 1920 وهى الدراسة الشهيرة عن الطريق الحربى القديم المعروف باسم (طريق حورس الحربى) بين مصر وفلسطين، وقد حدد جاردنر الموقع على اساس انها المنطقة الثانية على طريق حورس طبقا للنقش الشهير للملك سيتى الأول على الجدار الخارجى لصالة الأعمدة بمعبد الكرنك، وهذا ما يؤكد ايضا بدليل دامغ لا يقبل الشك الاهتمام المصرى القديم بجميع مناطق ارض مصر يا اصحاب العقول.واعتبر جاردنر الموقع الذى عرف (بتل حبوة) هو ذات المكان الذى ورد في نقش الكرنك باسم (قلعة الأسود أو قلعة رمسيس الثانى)، مع انه ذكر ان مايظهرمن الموقع من آثارعلى السطح تعود للعصرالرومانى.
وأثناء الاحتلال الاسرائيلى لسيناء بعد عام1967م، كانت هناك محاولات من جامعة (بن جوريون) للقيام باعمال المسح الاثرى التي حددت عدة مواقع في المنطقة المعروفة بمثلث القنطرة شرق- بورفؤاد (شرق بورسعيد) – رمانة (شرق بلوزيوم) وهى المنطقة ذاتها المعروفة حالياً باسم (سهل الطينة).
وكم من جرائم ارتكبها الصهاينة فى المنطقة لمحو التاريخ المصرى القديم، وهذا ليس بجديد من هؤلاء الصهاينة ثم قيام جامعة بن جوريون باصدار طباعتها الملغوطة تماما عن المنطقة، واصدارات لا صحة لها على الاطلاق وصولا الى عام 2002م، واصدار ما يعرف الان باسم (حضارة ايلات)، ونسب الكثير من الحضارة المصرية القديمة لهم وما بها من خرافات لا صحة تاريخية لها، ولم يقتصر الامر عند هذا الحد بل تمادوا فى اصدارات مخرفة ومنها المقولة الشائعة التى تروج بان اليهود هم بناة الاهرام وخاصة الهرم الاكبر.
الجنوب والحدود المصرية في عصر الدولة الوسطى
اذا تحدثنا عن الجنوب والحدود في الجنوب المصرى فلا يمكننا ان ننسى الملك سنوسرت الثالث والذى يقال عنه بانه أشرس ملك مصري في التاريخ مع بلاد النوبة ولا يمكننا انكار ذلك قط، ولا ننكر بانه في عهده قامت حروب طاحنة ضد بلاد النوبة لدرجة ان السودانيين الحديثون من الاثريين والمثقفين يكرهون هذا الملك بصورة مبالغة جدا وحتى يومنا هذا هل تصدق ذلك؟
ففي عهد هذا الملك وصلت السيادة المصرية الى ما بعد الشلال الثانى وانزل باهل مناطق سمنة وملاشدة وكوشة العذاب الوان وكذلك بدو الصحراء بعد الشلال الثانى وخاصة لانهم يؤون جنودا مرتزقة يقطعون طرق التجارة ويقتلون الجنود المصريين وما الى اخره.
وهناك لوحة له موجودة حتى الان على صخرة جزيرة سهيل تمثله فى كبرياء بالتاج المزدوج امام الالهة ساتت فى السنة الثامنة من حكمه عندما انشأ قناة اسمها (طرق جميلة) فى الشلال لتسهيل الملاحة ووصف هذه القناة بان طولها خمسون ذراعا وعرضها عشرون ذراعا وعمقها عشرة اذرع لتكون ممرا امام سفنه الكبيرة ولتسهل وصوله الى بلاد كوش الخاسئين.
واخر حملاته على بلاد النوبة كانت فى العام التاسع عشر من حكمه ولم نسمع بعد ذلك فى عهده اى جديد عن بلاد النوبة، ولكن اصبح من المؤكد فى عهده بان سيادة مصر وصلت الى ما بعد الشلال الثانى وحتى مناطق دنقلة واحتمال حتى منطقة الخندق كذلك؟.
والتوثيق على ذلك نجده فى لوحة رئيس ادارة موظفيه الذى يدعى (ساتت) وعثر على هذه اللوحة فى رمال منطقة ابيدوس وهى موجودة الان فى متحف جنيف بسويسرا ويقول النص فيها (ملك القطرين خع كاو رع المخلد سائرا على راس جيش عظيم ليهزم الكوش الخاسئين فى السنة التاسعة عشر من حكمه…) وبقية النص مهشم ولم يوضح اكثر من ذلك.
وعثر كذلك الاثرى (ريزنر) على لوحة فى ابيدوس وهى كاملة النصوص لاحد كبار رجال الملك يدعى (أخر نفرت) وبجانبه ساتت السابق الذكر وهى موجودة الان فى متحف برلين ويقول (حضرا اخر نفرت ومعه ساتت الى ابيدوس ليستقبلا الملك سنوسرت اله النوبة عند عودته المظفرة من بلاد كوش وهزم كوش الخاسئين هزيمة منكرة وذلك فى العام التاسع عشر من حكمه…).
جغرافيا وحدود مصر في عصر الدولة الحديثة
في عصر الدولة الحديثة وبالأخص في عهد الملك تحتمس الثالث توسعت جغرافيا وحدود مصر بصورة كبيرة جدا لم تكن من قبل وقيام اول امبراطورية في التاريخ بل اول واخر امبراطورية في التاريخ المصرى قديمه وحديثه، ونحن لا نقول بان كل تلك المناطق كانت مصرية اصيلة لأننا هكذا سنكون بنضحك على التاريخ وبنضحك على انفسنا أيضا، ولكن هذا يوضح من ناحية أخرى ما قلناه من قبل في المقدمة بان الحدود المصرية معروفة منذ قدم التاريخ وحتى وان انكمشت التوسعات فالمصرى لم يفرط قط في شبر واحد من ارضه ابدا ابدا وهذا ما سنعرفه في جغرافية الدولة الحديثة من حيث التوسعات والانكماش. وهنا نهتم بمنطقة سيناء وكذلك بالجنوب المصرى لان شرق وغرب مصر ليس فيهما اى خلاف على الاطلاق منذ فجر التاريخ.
سيناء والحدود المصرية في عصر الدولة الحديثة
ان جغرافيا وحدود مصر في عهد الملك تحتمس الثالث تعد من حدود سيناء الى الغرب من بلاد النهرين، ولكنه في سيناء بنى القلاع والحصون وقاد بتدريب الجنود على افضل التدريبات وامدهم بأسلحة مبتكرة قوية مثل النبال بجانب التوسع في استخدام العربات في القتال، وان معركة (مجدو) شاهدة على كل ذلك وكذلك ممر (مجدو) في سيناء.
ولم يقتصر الامر عند هذا الحد بل اصبح لمصر سيادة بحرية كاملة وأصبحت صاحبة اكبر اسطول بحرى في العالم القديم واستطاع بان يبسط يده على الكثير من جزر البحر المتوسط مثل قبرص. وهكذا ظهرت في التاريخ اول واقدم امبراطورية عرفها التاريخ امتدت من اعالى الفرات شمالا حتى الشلال الرابع على نهر النيل في الجنوب، وأصبحت مصر اقوى واغنى امبراطورية في العالم القديم.
![]() |
سيناء والحدود المصرية في عصر الدولة الحديثة |
الجنوب والحدود المصرية في عهد الملك تحتمس
وصلت الحدود المصرية حتى منطقة الشلال الرابع، وتقع منطقة الشلال الرابع الان بين رأس جزيرة مقرات قرب مدينة أبو حمد شمالاً وتخوم المنطقة ذات الأراضي الزراعية الواسعة نسبياً على ضفتي النيل حيث توجد مدن نوري ومروي وكريمة إلى الجنوب تقريباً من منطقة الحامداب، وبذلك يحتل نطاق الشلال الرابع.
الغرب والحدود المصرية في عهد الملك تحتمس الثالث
وكما هو واضح في الخريطة والى ما بعد ميدنة طبرق في ليبيا الان وفى الحدود الصحراوية الى ما بعد واحة جغبوب، وهكذا كانت الحدود المصرية في عهد الدولة الحديثة وخاصة في عهد الملك العظيم تحتمس الثالث وظلت الأمور على ما هي عليه حتى بداية الضعف والسيطرة المصرية على تلك المناطق والتي بدات بالفعل منذ عهد الملك اخناتون وكما ذكر في التاريخ المصرى القديم.
جغرافيا وحدود مصر في العصر المتأخر
في العصر المصرى المتاخر كانت مصر قد خسرت الكثير من سيادتها الخارجية ولكنها ظلت متمسكة بحدودها التاريخية والمعروفة منذ القديم من الزمان. والاهم من كل ذلك وخاصة في ارض سيناء وغزة كانت حدود مصرية اصيلة، إلا ان جاء عصرين وتغيرت فيها السيادة وليست الحدود وهما العصر الليبى والعصر الكوشى.
ففي العصور المتأخر تقلصت الحدود المصرية بسبب هجمات الأشوريين من الشرق والكوشيين من الجنوب واستطاع الملك بسماتيك الأول مؤسس الاسرة 26 إعادة جغرافيا وحدود مصر بشكل كبير بعد طرده للأشوريين وردعه للكوشيين ثم جاء الإحتلال الفارسي ومن بعده ضم مصر لإمبراطورية الإسكندر الأكبر، ولكن سرعان ما استقلت مصر من جديد وعادت للإستقرار في عهد أسرة البطالمة ولكن ليس بالشكل الذي كان في عهود الفراعنة العظام، حيث أن التقسيم بدأ بعد وفاة الإسكندر الأكبر بين قادة جيشه وكانت مصر من نصيب القائد بطليموس وكان التقسيم مبنيا على ما اتفقوا عليه لا على اساس جغرافيا وحدود مصر الطبيعية والمعروفة قبل مجيئ الإسكندر إليها.
ولكن قبل دخول في تفاصيل الحدود المصرية في العهد البطلمى وخاصة جزر البحر المتوسط مثل مالطة وقبرص يجب علينا التنويه الى امر هام قد يكون منسيا في التاريخ وهو الملك (احمس الثانى) والرغبة في تأمين حدوده بعد المخاطر التي شهدتها مصر من الاشوريين وعلاقة الاشوريين السيئة مع بلاد اليونان ورغبة الملك المصرى في لعب دورا في سياسة هذا العصر حيث كان صديقا للاغريق وتوطيد هذه العلاقة في تامين الحدود المصرية وانه قد اتخذ أيضا حرسا خاصا له من الاغريق وكان تحالفه معهم نابعا من إدراكه للأخطار المحيطة بمصر من ناحية البابليين والفرس على السواء.
وقد إستطاع فى أوائل حكمه صد هجوم بابلى على مصر وقد إضطره ذلك إلى إحتلال جزيرة قبرص وعقد معاهدة مع ملك ليديا فى غرب آسيا ونجحت سياسته فى تجنيب مصر الأخطار الخارجية التى أحاطت بها ولكن فى السنة الأخيرة من حكمه أخذت نذر خطر جديد تلوح فى الأفق وهو خطر الفرس الميديين لكنه مات قبل أن تقع تلك الكارثة وكان مقدرا على خليفته بسماتيك الثالث أن يرى بلاده تسقط فى أيدى الفرس عام 525 ٌق. م وأن يدفع حياته ثمنا لذلك.
ثم جاء عصر الاسكندر الأكبر محرر مصر من الاحتلال الفارسى بل غازى بلاد فارس نفسها وهكذا استعاد المصريين حريتهم من جديد ورجعت الى مصر سيادتها الكاملة على أراضيها ثم بداية الحكم الاغريقى لمصر والتي أصبحت مقرا للتعليم والثقافة ومنارة العصر آنذاك وخاصة بعد بناء مدينة ومكتبة الإسكندرية.
جغرافيا وحدود مصر في العصر البطلمى
بعد استقرار الأمور في مصر على يد بطليموس الأول وبالرغم من حروبه في المنطقة السورية وكذلك خلفائه الا انه وضع في
اعتباره موضوع الحدود المصرية شرقا وفي الجنوب كذلك، وفى عهده بدأت التوسعات الحدودية الخارجية لمصر وشملت جزء من قبرص وجنوب ساحل اسيا الصغرى، تلك الحود التي تقلصت تباعا في نهاية العصر البطلمى لتعود الى حدودها المعروفة منذ القديم من الزمان والتي لم تتغير ابدا وكما سبق القول طوال التاريخ باكلمه وحتى يومنا هذا.
![]() |
جغرافية مصر في العصر البطلمى |
من ناحية سيناء والحدود الشرقية
وكما هو واضح من الخريطة في العهد البطلمى الأول نجد بان جغرافيا وحدود مصر تعددت منطقة فلسطين الى مناطق الهلال الخصيب وكانت تحت سيادة مصرية قوية بالرغم من مشاكل حروب البطالمة والتي عرفت تاريخيا بإسم الحروب السورية، بل واصبح لمصر سيادة بحرية كبرى وصلت الى جزيرة قبرص وبعض المناطق في اسيا الغرى وكما هو واضح في الخريطة. ولقد تكلمنا من قبل في بحث قناة السويس عن مناطق سيناء ورفح وارض فلسطين كسيادة مصرية كاملة ويمكننا الرجوع الى هذا البحث لمعرفة كل تلك المناطق سواء في سيناء او في منطقة فلسطين وما الى ذلك.
من ناحية الجنوب
الحدود المصرية كسيادة كبرى فعلية فكانت حتى اخر مناطق الشلال الثانى، وهى منطقة وادى حلفا الان حيث كانت تقع في نطاق الشلال الثانى والتي عرفت تاريخيا أيضا باسم (ارض النوبة).
من ناحية الغرب
وصلت السيادة المصرية كما كانت في عهد امبراطورية تحتمس الثالث بل زادت السيادة قليلا في المنطقة الليبية الى منطقة بنغازى الان وبطول الصحراء والتي شملت واحة جغبوب وواحة سيوة، ولعل ذلك هو السبب في إيجاد الكثير من الحفائر والاثار المصرية في تلك المناطق وخاصة في العهد البطلمى.
وهكذا ظلت الحدود المصرية في العهد البطلمى بدون اية مشاكل على الاطلاق الا ان بدا الضعف يدب في العصر البطلمى المتاخر وخاصة بداية من عهد الملك بطليموس السادس وتواصلا مع احدث التاريخ وهزمية اخر ملك بطلمى على مصر وهى الملكة كليوباترا، ووقعت مصر تحت الاحتلال والنير الرومانى ثم بعد ذلك تحت احتلال وسيادة الإمبراطورية البيزنطية (امبراطورية روما الشرقية) وظلت الاحول المصرية هكذا تحت نير الاحتلال والاستعمار حتى جاء الفتح الاسلامى وبداية تأسيس الدولة الإسلامية في مصر.
الا انه طوال تلك العهود فان مصر تحت اى احتلال لم يكن للمحتل تنازل ابدا عن حدود مصر الشرقية وهى سيناء ومناطق غزة وكذلك سيادة مصر في البحر الأحمر او حتى الجزر الموجودة في البحر الأحمر ومنهما بطبيعة الحال جزيرتى تيران وصنافير وان كانا ليسوا بذو أهمية على الاطلاق ولا حياة فيهما على الاطلاق.
ولكن في العهد الاسلامى حيث أقيمت عددا من الدول الراغبة في الانفصال عن السيادة العباسية الا ان الواقع التاريخ أيضا يدل على اهتمام هذه الدول بمنطقة سيناء سواء من الناحية التاريخية او الدينية وكما في الصور المختصرة هذه.
جغرافيا وحدود مصر في عهد الدولة الطولونية
ويمكن الرجوع الى ذلك في كتب التراث الاسلامى والكتب التاريخية بالتفصيل.
![]() |
حدود مصر في عهد الدولة الطولونية |
جغرافيا وحدود مصر في عهد الدولة الفاطمية
وكما هو واضح في الخريطة باللون الأخضر فتلك كانت الحدود والسيادة المصرية في الحقبة الفاطمية، ولان مركز الحكم الفاطمى كان في قاهرة المعز بطبيعة الحال، ومما لا يعرفه الكثيرين في هذه الحقبة بان الدولة الفاطمية في عصرها الذهبى وصلت سيادتها الى جزيرة صقلية خلاف منطقة فلسطين ولبنان وجزء من الشرق السورى وساحل شبه الجزيرة العربية، وكما هو واضح في الرسم، وبالتالي يلاحظ السيادة المصرية على كل سيناء وجزر المنطقة في جنوب سيناء ومنهما بطبيعة الحال جزيرتى تيران وصنافير.
![]() |
حدود مصر في عهد الدولة الفاطمية |
جغرافيا وحدود مصر في عهد الدولة الايوبية والمماليك
عندما أسس السلطان العظيم صلاح الدين الايوبى دولته الكبرى في التاريخ الاسلامى والمصرى أسس فيها حدود دولته الايوبية وخاصة ان مركز الحكم كان في مصر أيضا، وهذه الخريطة توضح حدود الدولة الاوبية ويلاحظ كذلك السيادة على جزيرة قبرص. تلك الدولة التي حافظ عليها من ناحية الحدود المماليك عن تأسيس العهد المملوكى في مصر سواء المماليك البحرية او المماليك الشراكسة، والتي انتهت بقيام الدولة العثمانية وأصبحت مصر ولاية تابعة للدولة او الخلافة العثمانية.
![]() |
الحدود المصرية في عهد الدولة الايوبية وبالتالي عهدى المماليك |
جغرافيا وحدود مصر فى عهد الوالى محمد على وخلافائه
عند قيام دولة محمد على في مصر رجعت مصر بسيادتها وتحت حكم أبنائها ولا يمكن ان نقول في التاريخ بان محمد على لم يكن مصريا على الأقل بالحب والتحديث والمحافظة على ترابها وسيادتها ومدافعا عنها كانها الوطن الام، وكذلك لا يمكن ان ننكر مجهود خلفائه في المحافظة على السيادة والتراب المصرى بدأ من ابنه إبراهيم باشا حتى اخر ملك في هذه الاسرة وهو الملك فاروق الأول اخر ملك على مصر واخر عهد ملكى في التاريخ المصرى.
![]() |
خريطة مصر في عهد اسرة العلوية بداية من محمد على باشا انتهاء بالملك فاروق الأول ملك مصر |
جغرافيا وحدود مصر بعد قيام ثورة يوليو عام 1952
مما لاشك فيه بان الحدود المصرية التي نعرفها الان ظهرت بعد قيام ثورة يوليو عام 1952 وبداية خسارة مصر للكثير من سيادتها الحدودية ولا يمكن انكار ذلك على الاطلاق وليس اتهاما لاحد بل انه القدر والتاريخ.
![]() |
الحدود المصرية بعد قيام ثورة يوليو عام 1952 |
ومنذ بداية حرب عام 1956 خسرت مصر حدود غالية جدا في الحدود المصرية وهى منطقة (ام الرشراش) والتي تطلق عليها إسرائيل الان اسم (ايلات) بل وبعد حرب عام 67 خسرت أيضا مصر جزء اصيلا من ارض غزة وهى التي طول عمرها تحت اى عهد من العهود من السيادة المصرية الاصلية.
وبعد انتصار أكتوبر العظيم في عام 1973 واستعادة مصر سيادتها على سيناء وعلى كل سيناء فيما بعد وطبقا لمعاهد السلام في (كامب دافيد) عام 1979 أصبحت الحدود المصرية هي التي نعرفها الان مع التنازل الكامل عن منطقة غزة في فلسطين وكذلك منطقة ام الرشراش (ايلات الان).
لم نسمع فى حقيقة الامر في اى عهدا من العهود السابقة طوال التاريخ كله بأن جزيرتى تيران وصنافير لم يكونا مصريتان في يوما من الأيام بالرغم من عدم الاهتمام بهم او اهميتهما، بل لم نسمع عن اهميتهما على الاطلاق الا منذ بداية عام 1956 ثم اغلاق مضيق تيران في عام 1967 وبسبب هذا المضيق قامت حرب 1967 وهى النكسة اتى عاشتها مصر حتى قيام حرب الكتوبر المجيدة وتحرير سيناء كاملا واستعادتها الى الام مصر.
الخاتمة
وفى نهاية بحثنا هذا بفضل الله نكون على قدر المستطاع قد استطعنا بفضل الله في معرفة الحدود المصرية منذ قدم التاريخ حتى يومنا هذا، وفى النهاية نود ان نشير الى عدة نقاط هامة ولابد من انهاء الكلام والحديث عنها وهى:
- طوال التاريخ المصرى كله لم نسمع في يوما من الأيام بأن ارض حلايب وشلاتين ليستا مصريتان او حدث خلاف بيننا وبين السودان الشقيق حول تلك الاراضى، فمن مشعل هذه المشكلة بين الحين والاخر؟
- منطقة غزة بأكملها سيادة مصرية منذ جذور التاريخ الأولى وهى ارض مصرية وينطق التاريخ بمصريتها حتى أهلها الى يومنا هذا يقولون بانهم مصريين الجذور والاصل كذلك.
- منطقة ايلات او ام الرشراش منطقة مصرية اصلية ولم يتنازل عنها المصرى القديم على الاطلاق ولا اية قوى حكمت مصر تحت اى مسمى من المسميات فمتى يمكننا استعادة هذه المنطقة المحتلة حتى يومنا هذا؟
المراجع
- دراسات فى تاريخ الشرق الأدنى القديم د. أحمد أمين سليم.
- تاريخ مصر القديمة – نيقولا جريمال، ترجمة ماهر جويجاتى.
- مصر الفراعنة – ألن جاردنر- ترجمة/ نجيب إبراهيم ميخائيل.
- معالم تاريخ الشرق الأدنى القديم، د. أبو المحاسن عصفور.