أحداث عصر الإنتقال الأول قبل تناولها ننوه بأنه اذا اردت ان تعرف حال المصريين فانظر الي فنونهم، فاذا تطرقت الي سماع نكاتهم ستجدها سخريه لحالهم، واذا تمعنت في قراءه قصصهم ورواياتهم ستجد بين سطورها حالهم، واذا تأملت رسوماتهم ستجد نفسك وقد تغلغلت في اعماقهم. هذا هو لسان حال هذا الشعب منذ القدم، حتي وان عاد بنا الزمن الي فتره الاضمحلال الاولي في تاريخ مصر القديمه.
أحداث عصر الإنتقال الأول
عندما انتهي عصر الاسره السادسه بنهايه حكم الملكه نيتوكريس والتي لم يزيد حكمها عن عامين فقط وذلك حوالي عام 2280 ق.م وصلت البلاد الي حاله من السوء وعمت الفوضي البلاد والتي قامت علي آثارها ما عرف بعصر الثوره الاجتماعيه الاولي والتي استمرت حتي توحيد الملك منتوحتب الثاني عام 2052 ق.م للمره الثانيه بعد الملك مني، ولم يكن ابلغ من التعبير الادبي في وصف الحاله التي كانت عليها البلاد فيما يعرف ببرديه ايبو ور (إيبور) وهي برديه صورت حاله مصر في اواخر عصر الاسره السادسه ابلغ ما يكون التصوير.
بردية إيبور
تعرف برديه ايبو ور (إيبور) ببرديه ليدن وهي محفوظه في متحف ليدن تحت رقم 344 ونقلت الي هذا المتحف عام 1838م، وتبلغ البرديه من الطول 378 سم وعرضها 18 سم، وهي مكتوبه بالخطي الهيراطيقي، ويري بعض المؤرخين ان البرديه كتبت في شكل خطاب طويل القاه الحكيم ايبو ور (إيبور) امام ملك مصر في ذلك الوقت ولازالت هنالك العديد من الاقاويل حول ماهيه هذا الملك هل هو بيبي الثاني؟
ويري البعض ان القصه قد اعيدت كتابتها في عصر الدوله الحديثه منقوله عن نص اصلي كتب في نهايه عصر الدوله القديمه، بينما يري البعض ان للقصه كان لها هدف سياسي خاصه بظهور نبوءات نفرتي والتي رآها البعض انها دعايه سياسيه لظهور الملك المخلص للبلاد (انظر الي الوضع الان يمكنك ان تقارن) في جميع الاحوال فقد ضاعت بدايه القصه ونهايتها، وتظهر القصه في شكل فقرات يوجه فيها الحكيم ايبو ور (إيبور) الاتهامات الي الملك، والبرديه تقع في اربعه عشره صفحه.
ويري عبد العزيز صالح ان ايبو ور (إيبور) كان مصلحا من طبقه ارستقراطيه يري مساوئ الحكم والفساد المنتشر في البلاد، وان اصلاح البلاد في حاجه الي ملك حازم، والنظر الي هذه البرديه نجد انها تحمل معني دينيا ً وهي سقوط الملك عن النظره المؤلهه في نظر الرعيه فلم يعد هو الاله المنزه عن اي خطاً ولكن يوجه اليه ايب ور (إيبور) اللوم علي انه المسئول عما حدث وعما اصاب البلاد فتقول البرديه:
القصيدة الاولي والثانيه: (تدور البلاد كما تدور رحي الفخار، حقاص لقد تغيرت صوره البلاد، وتبدلت احوالها وأمتلات بالعصابات، يذهب الرجل الي حقله ومعه درعه، حقاً لقد شحب الوجه….. المجرمون في كل مكان، ولا يوجد رجل من رجال الامس، لقد اصبح الناهبون في كل مكان).
(حقا ان القلوب ثارت، والوباء قد انتشر، الدم سال في كل مكان، لفائف المومياوات تتكلم، وان لم يقترب احد منها، لقد أصبح النهر قبراً لرجالاً كثيره دفنوا فيه، وصار المكان الطاهر مجري).
(لقد عم الحزن البلاد من أقصاها الي أقصاها، والناس يستغيثون ولا مغيث انظر لقد أصبحت الحياه مره حتي عافها الناس، رخيخه حتي هانت علي الناس، يقول الكبير: ياليتني مت قبل هذا، ويقول الصغير ياليت امي لم تلدني).
(انظر: لقد أصبح الناس يأكلون الحشائش، ويشربون الماء، ولا توجد فاكهه، كما لا يوجد عشب ياكل منه الحيوان والطير)
القصيدتان الثالثه والرابعه من أهم فقراتهم: (ان الدلتا تبكي ومخازن الملك اصبحت مشاعاً، ولا ضرائب للقصر)
القصيده الخامسه: (لديك الحكمه والبصيره والعدل…. ومع ذلك تترك الاضطرابات وضوضاء المتعاركين في كل مكان، انظر اليهم ان كل واحد منهم يضرب الاخرولا يعبأ بالاوامر، فهل تلقي راعيا يحب الفناء)
(لقد كذبوا عليك، فالبلاد تشتغل كالقش، والناس علي شفا الهلاك… وهذه كلها سنوات حرب اهليه، فالرجل يقتل علي سطح منزله).
وليس ابلغ من الدليل علي سوء حاله البلاد من روايه مانيتون وان صاحبها بعض المبالغه ولكنها تدل علي مدي سوء البلاد حيث تولي فالاسره السابعه 70 ملكاً منفيا لمده سبعون يوماً، ومن المصادر الداله علي حروب عصر الانتقال الاول هي مقبره عنخ تيفي حاكم الإقليم الثالث وهو اقليم يقع جنوب الاقصر بحوالي 20 ميلا.