عند الحديث عن التجارة ونشأة العملة يتبادر في الأذهان سؤال تري كيف بدأت التجارة ومن أول من سك العملة؟
بالطبع في وقتنا الحالى من اشهر الحرف المنتشرة هى حرفة التجارة.
وجميعنا يعرف ما كنا ندرسه فى المدرسه حيث تنقسم التجاره إلى داخليه وخارجيه، فعند فتح التلفاز على البورصه نجدها تصعد وتهبط، وترتفع قيمة عمله وتنخفض اخرى، والنقود ما هي إلا ورق أو معدن.
لكن هل سأل أحدكم نفسه ما هى اصل العمله والتعاملات التجاريه ومن الذى اخترع قطعة المعدن او الورقه المستخدمه في ذلك؟؟
بداية معرفة قصة كيف بدأت التجارة
بالطبع كلنا نعلم بالعصور القديمه والانسان البدائى ومغامراته كما صورتها لنا أفلام السينما والكرتون.
كما يقال ان الانسان البدائى فى العصور القديمة كان يعمل على سد احتياجاته الشخصية عن طريق الصيد او ثمار الاشجار وسقوط الامطار، واستمر هذا لفتره طويله حتى اكتشف مصادر مياه ثابته مثل الانهار.
تطور الانسان وبدأ فى الاستقرار وتعلم حرفة الزراعه التى ساعدته على سد حاجاته بشكل اسهل.
وطبيعى كلما تطور الزمن زادت المهمات والاعمال. حتى تطور الامر اكثر وبدأ كل شخص يبرع فى حرفة ما واصبح كل فرد يحتاج الى مساعدة الاخر.
مثلا الزارع كان يحتاج للاسماك فيذهب للصياد والعكس صحيح. حيث ان كل فرد اصبح يحتاج الى سلع اخرى لا يملكها ولكن كان يملكها غيره.
كيف بدأت التجارة الفعلية وأول منظومة لها
كل فرد اصبح يحتاج لسلعه يمتلكها فرد اخر. وبدأ التفكير فى كيفية الحصول عليها حتى توصل الانسان القديم الى استخدام نظام المقايضه، وهو مبادلة سلعه بسلعه اخرى.
حيث ان كل فرد يملك سلعه تميزه ويحتاجها فرد اخر فيتم مبادلة السلع ببعضها البعض من الآخرين.
مثلا كان يتم مقايضة (مبادلة) بعض القمح بالبيض او اعطاء فرد الدجاج مقابل المساعده فى اعمال الزراعه، وهكذا.
تطور الامر واصبحت هناك تجارة وتبادل سلع بين القرى والمدن والاقاليم حتى اصبحت التجارة الخارجية بين الدول.
كيف بدأت التجارة الخارجية
كانت كل دوله تمتلك سلعه تميزها وتنتجها بكثرة على سبيل المثال:
- مصر تتميز بالقمح.
- بلاد بونت تتميز بالبخور والعاج.
- فينيقيا تتميز بالاخشاب.
- النوبه تتميز بالاحجار.
- الهند تتميز بالعطور والبن.
- العراق تتميز بالشعير.
- الصين تتميز بالارز.
وغيرهم من دول العالم حيث ان كل دوله تستخدم السلعة الاكثر امتلاكا لها لتجعلها عملة لها.
تطور نظام التجارة
وطبيعة الامر مع مرور الزمن تطورت التعاملات التجاريه، حتى بدأت تحدث خلافات كبيرة وحروب بسبب اختلاف تقدير كل دولة لسلعتها عند المقايضة.
فتم استخدام المعادن بموازين ثابتة ومقدرة ومتفق عليها بين الدول.
ومن المعادن المستخدمة كان الذهب والفضه والنحاس والبرونز وغيرها من المعادن الاخرى.
وكل معدن كان يحدد الحالة الاقتصادية للدولة. ثم تتطور الامر وتم سك العملة بصورة الملك او رمز الدولة.
من الذى اخترع العملة؟
اولا نعرض ما قاله المؤرخين.
قال بعض المؤرخين ان اول من استخدم المعادن بموازين مقدرة بديلة للسلع فى المقايضة هم الصينيون حوالى عام 1100 ق.م، فى عهد سلالة شانغ حيث استخدموا البرونز والنحاس فى التعاملات التجارية.
وبعض المؤرخين يقولوا انه تم سك اول عملة فى الصين حوالى عام 1600 ق.م، فى عهد سلالة شانغ واهملت حتى تم سكها مره اخرى حوالى عام 206 ق.م فى عهد سلالة هان.
ومؤرخين آخرين قالوا ان اول عمله تم سكها فى جزيرة اجانيطس (قرب اليونان) حوالى عام 700 ق.م من اهل اجانيطس نفسهم من الالكتروم (خليط من ذهب وفضة).
واغلب المؤرخين قالوا انه تم سك اول عمله فى ليديا (بالقرب من تركيا) حوالى عام 650 ق.م فى عهد الملك الياتس الاول، وكانت تصنع من الالكتروم حتى جاء عصر الملك بكروسيوس وسك العملة من الذهب الصافى حتى انه فى هذا الوقت كانت ليديا اغنى مدينه فى اسيا الصغرى.
المصريين القدماء وسك العملة ونشأتها
يوجد رأى اخر وهو الاصح ان اول من اكتشف العمله وسكها كانوا المصريين القدماء. ومن هنا اثبت لك ان مصر جاءت اولا ثم جاء التاريخ.
اولا تاريخ مصر مقسم الى عصور منهم عصر الدوله الوسطى المسمى بعصر الرخاء الاقتصادى فى الفتره من 2060 ق.م – 1785 ق.م.
فعصر القوى الاقتصادية المصرى سبق العالم اجمع بما فيهم الصين وليديا وغيرهم.
ثانيا فى عصر الدوله الوسطى المسمى بالرخاء الاقتصادى، وتحديدا فى عهد الملك امنمحات الثانى حوالى عام 1900 ق.م كتبت بردية كاهون التى توضح فى قسم (سجل يضم ظواهر اواخر فترة المملكه الوسطى مع ادراج فعاليات المهرجانات) توضح ان اجر الخادمه عن استخدامها يومين فقط ثوب قيمته 3.5 شاعت (كلمه هيروغليفيه تعنى الذهب المملوك) وكانت ترمز للنقود.
ثالثا فى عصر الدولة المتأخرة فى مصر تحديدا فى الاسره 30 فى عهد الملك تاخوس حوالى عام 350 ق.م سك عملة باسم نوب نفر (كلمه هيروغليفيه تعنى الذهب الجيد) وهى ترمز للنقود وكان سبب سك تلك العملة ان الملك تاخوس كان يدفع رواتب لجلب مرتزقه يونانيون للحروب ضد الفرس.
رابعا القرآن الكريم وهو خير دليل حيث قال الله تعالى (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍۢ دَرَٰهِمَ مَعْدُودَةٍۢ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّٰهِدِينَ) فى التفسير الميسر (وباعه إخوته للواردين من المسافرين بثمن قليل من الدراهم، وكانوا زاهدين فيه راغبين في التخلص منه؛ وذلك أنهم لا يعلمون منزلته عند الله)
وقال تعالى (وَقَالَ ٱلَّذِى ٱشْتَرَىٰهُ مِن مِّصْرَ لِٱمْرَأَتِهِۦٓ أَكْرِمِى مَثْوَىٰهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى ٱلْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُۥ مِن تَأْوِيلِ ٱلْأَحَادِيثِ ۚ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمْرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) فى التفسير الميسر (ولما ذهب المسافرون بيوسف إلى “مصر” اشتراه منهم عزيزها، وهو الوزير، وقال لامرأته: أحسني معاملته، واجعلي مقامه عندنا كريماً، لعلنا نستفيد من خدمته، أو نقيمه عندنا مقام الولد، وكما أنجينا يوسف وجعلنا عزيز “مصر” يَعْطِف عليه، فكذلك مكنَّا له في أرض “مصر”، وجعلناه على خزائنها، ولنعلِّمه تفسير الرؤى فيعرف منها ما سيقع مستقبلا. والله غالب على أمره، فحكمه نافذ لا يبطله مبطل، ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن الأمر كله بيد الله)
القرآن يوضح لنا ان سيدنا يوسف اشتراه ملك مصر ببعض النقود وكما هو معلوم عند المؤرخين ان سيدنا يوسف جاء مصر منذ حوالى اكثر من 2000 عام ق.م.
المراجع
- كتاب الاقتصاد المصرى القديم، د/ عبدالحليم نور الدين.
- موسوعة تاريخ مصر القديمه، د/ سليم حسن.
- كتاب الحضاره اصلها مصرى للباحث/ عبدالرحمن رمضان.