قبل تناول الكتابة عن باندورا ننوه بأنه عندما سرق بروميثيوس النار للناس وقام بتعليمهم الفنون والحرف وأعطاهم المعارف، كانت حياتهم على الأرض سعيدة كثيراً.
وقد عاقب زيوس بروميثيوس عقاباً قاسياً، وأرسل الشر للناس على الأرض، حيث أمر “إله الحدادة” أن يقوم بخلط التراب بالماء، ويقوم بصنع فتاة حسناء لها قوة البشر، صوتها ناعم، نظرتها ساحرة، كنظرة الربات الخالدات، وكان على “آثينا” إبنة زيوس أن تقوم بخياطة ثوباً رائعاً لها، أما ربة الحب “أفروديت” فقامت بوهبها الجاذبية، وقام هيرمس بمنحها العقل الماكر والدهاء.
بداية قصة باندورا
وفى الحال نفذ الآلهة تنفيذ أمر زيوس، فقد تم صنع هذه الفتاة الفريدة فى حسنها وجمالها، ونفخت الآلهة فيها الروح، وألبستها أثينا مع الربات ثوباً ساطعاً كالشمس وزينتها بالعقود الذهبية، أما الحوريات فقد وضعن على شعرها الكثيف إكليلاً من الأزهار العبقه، ولقنها هيرمس كلاماً كذباً مملوء بالتزييف، وقد قاموا بتسميتها باندورا ; حيث أنها حصلت على هباتها منهم جميعاً.
وكانت باندورا عليها أن تقوم بحمل البؤس والشقاء للناس، وحين أصبح هذا الشر المخصص للناس جاهزاً، قام زيوس بإرسال هيرمس ليحمل باندورا إلى أبيميثيوس شقيق بروميثيوس، وكان بروميثيوس الحكيم قام بتحذير أخاه الطائش أكثر من مرة ونصحه ألا يقبل هبات زيوس قاذف الصواعق، فقد كان يخشى أن تنزل هذه الهبات الشقاء على الناس، ولكنه لم يصغِ لأخيه الحكيم، وسحرته باندورا بجمالها فتزوجها، ولم يلبس أبيميثيوس أن عرف مقدار الشقاء الذى جرته باندورا على البشر.
فكان هناك فى منزله وعاء كبير مغلق بإحكام بغطاء ثقيل، لم يكن أحد يعرف ما يوجد فى هذا الوعاء ولم يجرؤ أحد على فتحه ; لأن الجميع كانوا يعرفون أن ذلك يجر المصائب والمتاعب، وتعمدت باندورا الفضولية رفع الغطاء عن الوعاء فى الخفية، وتطايرت كل المصائب التى كانت حبيسة فيه، وإنتشرت فى كل بقاع الأرض وحده الأمل بقى فى قاع الوعاء الضخم ومن جديد إنغلق الغطاء وظل الأمل فى بيت أبيميثيوس ولم يفارقه، وهذا ما لم يكن فى حسبان زيوس قاذف الصواعق.
كان الناس فى السابق يعيشون سعداء لا يعرفون الشر ولا العمل القاسى، ولا الأمراض الفتاكة أما بعد ذلك فقد إنتشرت هذه المصائب بل الألوف المؤلفة من هذه المصائب بين الناس، وإمتلأت الأرض والبحر بالشر، ففى الليل والنهار يأتى الشر والأمراض إلى الناس دون دعوة.
حاملة باندورا العذاب والمعاناة معها، أنها تأتى بخطوات لا تسمع فقد حرمها زيوس موهبة النطق فقد خُلق الشر والأمراض خرساناً مكتومين.