الجديد

مملكة سليمان والأسرتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة المصرية

قبل تناول البحث عن مملكة سليمان والأسرتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة المصرية يجب أولاً وقبل كل شئ ان أتوجه بالشكر لكل من الباحث الاثرى أحمد السنوسى الذى بمثابة معلم ومرشد من خلال أوراقه البحثية، وللدكتور سهيل زكار الذى فتح عينى على اسرار التاريخ بورقته البحثية الصغيرة الشافية عن تاريخ القدس، واخيرا للملحد المصرى سيد القمنى الذى اراد الطعن فى عقيدة التوحيد بكتاباته المنحرفة عن ادنى مبادئ العلم، والمسروقة من أجهل ملاحدة الشرق والغرب فأنقلب السحر على الساحر.

مملكة سليمان والأسرتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة المصرية

واكتشفنا بفضل الله سبحانه وتعالى التوحيد فى قلب التاريخ فإن الله سبحانه وتعالى أرسل هؤلاء الثلاثة على وجه الخصوص لكى ينيروا لى الطريق، واستطيع عمل هذه الدراسة التى اتركها لكل المتخصيين فى علوم الاثار والتاريخ لبحث جديد بنظرة مختلفة تماما للحضارات المصرية والحيثية والاشورية فى القرنين الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد، وهذه الدراسة ستفيد إن شاء الله المتشككين او المتسائلين حول مذهب التوحيد فى التاريخ القديم، والأن مع المقالة.

مقدمة وتعليق على أبحاث الاثرى أحمد السنوسى

طبعا فتح الاستاذ أحمد السنوسى الباب لكشف تاريخ الخروج لبنى اسرائيل من مصر بأنه كان فى الربع الاخير من القرن التاسع عشر قبل الميلاد، وهذه نقطة البداية لكشف اثر بنى اسرائيل فى قلب التاريخ القديم وربط الوحى بالمادة الاثرية، ولى كلمة لاستاذنا أحمد السنوسى هناك أدلة من الاركيولوجيا الرافدية والكنعانية والمصرية السينائية تدل على صحة كل حرف كتبته حضرتك.

الاركيولوجيا الرافدية العراقية

ظهور التشريعات فى العراق القديم ظهرت فى شريعة اشنونا (يشبه يوشع بن نون) ولو رجعت لكلام الخطيب البغدادى رحمه الله، ستجد أن هناك معتقدات لدى بعض العلماء المسلمين كاحمد بن حنبل رحمه الله تقول بدفن يوشع بن نون عليه السلام فى العراق، وايضا اسماء الملوك المذكورين فى كتب التراث كالطبرى ومروج الذهب للمسعودى انهم عاصروا يوشع عليه السلام مثل السميدع يشبه ايشمى داكان الملك المذكور فى القوائم الاشورية ومنوشهر الذى تذكر كتب التراث انه عاصر موسى عليه السلام يشبه موت اشكول المذكور فى القوائم الاشورية.

وأما افراسيب الذى ذكره ابن الجوزى فى الامم والممالك انه حكم بعد يوشع وكالب عليهما السلام وربما هو نفسه ابرهة ذو المنار فيشبه حمورابى او امورابى لأن الاثنين امورابى وافراسيب مشتقين من اسم ابراهيم عليه السلام وأول ظهور لشريعة التوراة فى التاريخ كان فى قوانين امورابى او حمورابى، مما يؤكد أن الخروج سابق لحمورابى كما هو مؤكد أصلا وكل هذه الاحداث السابقة حصلت بين القرنين التاسع عشر والثامن عشر قبل الميلاد.

الاركيولوجيا الكنعانية الفلسطينية

أثبتت حصول استيطان فى القرن الثامن عشر وحصول زحف امورى مجهول فى ذلك العصر وهو يوافق العصر المتوقع للخروج واثبتت ابحاث اللورد كينون أن بعض غزوات يوشع بن نون عليه السلام الرئيسية خصوصا غزوة اريحا حصلت قريبة من عصر الهكسوس، وما ذكرته التوراة عن اجتياح قبائل يهوذا لبيت المقدس وهى نفس القصة المذكورة فى التراث الاسلامى بأن من قام بفتح بيت المقدس هو يوشع بن نون عليه السلام اكدت الاركيولوجيا فى القدس حدوث استيطان فى القرن الثامن عشر قبل الميلاد فيها.

كما أن ظهور الهكسوس وحده يكفى لاثبات عصر الخروج خصوصا لو علمت ما اثبته مانيتون أن الهكسوس من نسل بنى اسرائيل الخارجين من مصر ولو علمت أن كلمة ملوك الرعاة كانت لقب سبط يهوذا كبرى قبائل بنى اسرائيل وخذ هذه المفاجأة الصاعقة: أن الاصحاح التاسع والعشرين والثلاثين من سفر حزقيال فى العهد القديم الذى بين ايدى اهل الكتاب الأن يتحدث عن قصة الهكسوس مع مصر ويقول بأن مصر اصبحت فتروس (فتروس هى الصعيد فى قاموس الكتاب المقدس) وهى مملكة طيبة بعد احتلال الهكسوس وحتى هناك اشارة لقصة تماسيح النهرالتى وقعت بين الهكسوس وسقنن رع.

ولا يمكن أن تكون هذه الاحداث الا لمن قام بها والأهم أن سفر حزقيال منسوب لحزقيال بن بوزى الملقب بإبن العجوز عليه السلام الذى يؤكد المؤرخون المسلمون أنه كان النبى الرابع فى بنى اسرائيل بعد موسى ويوشع وكالب عليهم السلام مباشرة، ولو نظرت فى القوائم الاشورية ستجد اسم ملك “بوزور اشور”يشبه بوزى الاسرائيلى، وربما هو جد او والد النبى حزقيال عليه السلام.

وما يؤكد أن حزقيال بن بوزى كان معاصرا للهكسوس فعلا أنه تحدث فى مقدمة السفر عن صور حملة العرش الاربعة المعروفة بالملائكة المجنحة وهو ما ظهر بعد ذلك فى الحضارتين البابلية والاشورية، مع توضيح أن تجسيم هذه الحضارات للملائكة بصور حيوانات وطيور هو سوء فهم منهم لكلام النبى حزقيال عليه السلام فالملائكة قريبة الشبه بهذا الصور وليست عليها، وليست شهادة التوراة فقط على حقيقة الهكسوس بل شهادة القرأن الكريم فى ثلاثة مواضع ان بنى اسرائيل هبطوا مصر وورثوا مصر وكانوا هم الوارثين لفرعون وهامان وليست بعد هذه الشهادة الربانية شهادة.

ولكن الاخرين الذين لا يأخذون بالدين فى الاثر فنقول لهم وماذا عن شهادة اخناتون ايضا ففى عصره تمت الاشارة للهكسوس فى احدى القصص الشعبية الادبية بأنهم كانوا موحدين، ورفضوا عبادة الالهة المصرية المتعددة كما نقل سليم حسن رحمه الله فى الادب المصرى القديم، وهو ما سيتأكد منه القارئ فى اطار هذا البحث بمشيئة الله تعالى.

الاركيولوجيا السينائية المصرية

اذ ينقل خزعل الماجدى فى كتابه المعتقدات الكنعانية ظهور اللهجة الكنعانية فى سيناء فى القرن الثامن عشر قبل الميلاد، كما ينقل الكاتب اعتقاد الكنعانيين ان اسلافهم جائوا من مصر فى بعض النظريات والاساطير عندهم وهذا النقل هو مجرد تأكيد اضافى لسيل لا ينتهى من الادلة، ولو استفضنا فى الاستدلال الاركيولوجى من تاريخ المنطقة على حدوث الخروج فى القرن الثامن عشر قبل الميلاد فلن ننتهى.

التراث الاسرائيلى الشفهى

وهو عن عصر فرعون الخروج، خصوصا كتاب قصص الانبياء للثعلبى ففيه اشارات على عصر امنمحات الثالث دون أن يسميه، كقصة الهرم الاسود وقصة دمار الجيش المصرى، وقصة بحيرة قارون، وقصة تولى سبك نفرو.

حقيقة الاتونية

بعد هذه المقدمة والتعليق على خروج بنى اسرائيل من مصر فنأتى لصلب الموضوع الذى نحن بصدده، وهو حقيقة الاتونية التى دعا اليها اخناتون، أولا اخناتون نفسه قام بتفسير اتون بأنه رع حور اختى أى الذى هو افق النور، او الذى حجابه النور، ومعلوم، ولو ان هذه النقطة سابقة لآوانها أن المزمور 104 من مزامير داوود عليه السلام بشهادة الاثريين هو نسخة طبق الاصل من الانشودة الرئيسية لأتون والان لنرى ترجمة المزمور لكلمة اتون

1بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ. يَا رَبُّ إِلهِي، قَدْ عَظُمْتَ جِدًّا. مَجْدًا وَجَلاَلاً لَبِسْتَ. 2اللاَّبِسُ النُّورَ كَثَوْبٍ،

فأتون هو وصف لله رب العالمين، وهو وصف موجود فى الديانة الاسلامية ففى الحديث الذى اخرجه مسلم عن النبى محمد صلى الله عليه وسلم فيصف رب العالمين قائلا “حجابه النور (وفى رواية النار) لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه”، والذى يقول بأن اخناتون كان يدعو لعبادة الشمس نسئله: كيف يدعو لشئ كان قائما اصلا فالمملكة الحديثة قبل وبعد اخناتون كانت تعبد امون رع الشمسى.

ثانيا اتون لغويا تتركب من كلمتين: اتوم ونون فأتوم هو الذى تام الصفة وبيده الحياة ونون هو الحى الذى لايموت فأتوم نون الذى هو اتون أقرب إلى “الحى القيوم” و”الحى القيوم”بحد ذاته اسم مستقل وليس مركب من الاسماء الحسنى، ولكن هذا ليس موضوعنا فإن اتون بهذا التحليل معناها”اتوم الحى”أو”حى هو الرب” ومن قرء الاسفار التاريخية من العهد القديم: القضاة، وصموائيل الاول والثانى، والملوك والاخبار الاول والثانى، يجد أن تعبيرات بنى اسرائيل وندائتهم التى تماثل “الله اكبر” عند المسلمين هو التعبير “حى هو الرب”.

وبالعودة الى الشعوب المجاورة فنجد أن اله الهكسوس ستونخ = سيت عنخ = حى هو السيد، وإله الحيثيين والهكسوس تيشوب او تشاب = تى شاب = ادد شاب = شاب هو ادد = حى هو ادون، فهذه اول نقطة ارتباط بين اتون وبين دين بنى اسرائيل يضاف اليه زعم بعض الاثريين الاجانب أن اتون هو ادون اله بنى اسرائيل ورغم أن اللغة تنصر زعم أن اتون هو ادون، والعصر الذى ظهرت فيه الاتونية كثر فيه اسم “ادد”و “نيرارى” ولكن لا دليل يقينى، الشاهد القوى هو تشابه النداء الاسرائيلى الشهير عبر كل تاريخ بنى اسرائيل “حى هو الرب” مع اسم الله “اتوم نون” أو “اتون”.

ثالثا وردت عبارة غامضة لحاكم اورشليم (القدس) عبدى خيبا فى استغاثته لاخناتون من الحابيرى الواردة فى رسائل تل العمارنة فيقول لاخناتون “لماذا يحب سيدى الملك الحابيرى ويكره الولاة؟” وفعلا كان اخناتون يحب الحابيرو بدليل أنه وضع الرجل الثانى فى البلاد الغامض “دودو” والذى لن يكون غامضا ان شاء الله تعالى بعد هذه الدراسة.

ومن متابعة سيرة اخناتون يتضح انه كان يحب من على دعوته وعقيدته وكان يراسل الملوك يدعوهم لدينه وفوق ذلك بعد وفاة اخناتون، وربما بعد وفاة توت عنخ امون حدثت محاولة لتزويج احدى نساء العمارنة الارجح أنها عنخ اسن اتون ابنة اخناتون وقيل نفرتيتى زوجته وابنة اى بأحد ابناء ملك الحيثيين وملك الارض سوبيلوما والذى تولى قيادة الاسرة قبل ان يصيرا ملكا هو خال اخناتون الملك”أى” ولم يكن اقل بل ربما اشد حماسة وتعصبا لمذهب اتون من اخناتون فما الذى يدفع اشد شخصيتين ايمانا بأتون: اخناتون واى إلى هذه المودة الشديدة مع الاسيويين لدرجة خيانة الاعراف الفرعونية بشدة ما لم يكن هناك ارتباط عقائدى لأنه منطقيا ليس اعز على الانسان من وطنه إلا دينه وعقيدته.

رابعا واخيرا المسئول المالى عن معبد اتون فى العاصمة كان الشخصية الغامضة “دودو” وهذا يؤكد أن”دودو”كان اتونيا،وقد اختفى هذا الشخص من مسرح الاحداث تماما فى الفترة الاخيرة من حكم اخناتون ولم يُعثر له على اثر ولم توجد مؤمياء له فى مقبرته وبعض الناس زعم أنه النبى يوسف عليه السلام بسبب ذكاؤه الادارى والاقتصادى، ولا ادرى ما الدليل الذى استند اليه هؤلاء فى كون هذا الشخص الغامض هو المعلم الدينى لإخناتون، فالاتونية كعقيدة كانت قبل اخناتون وكان جده تحتمس الرابع مؤمنا بأتون ولكنه لم يدعو الشعب اليه ولم يغير العقيدة الرسمية للدولة الفرعونية، اخناتون اسمى”دودو” والده العظيم، وهذا يعنى أن له تأثيرا ما، ولن نستطيع ان نثبت أن لدودو الغامض ارتباط بمذهب اتون الا بدليل وسنجد الدليل بإذن الله تبارك وتعالى عند الحديث عن اخناتون فى العهد القديم.

مملكة بنى اسرائيل تظهر فى القرنين الرابع عشر والثالث عشر

من التراث التوراتى المكتوب والشفهى الذى انتقل الى التراث الاسلامى جاء فى مواضع مختلفة اكثر من موضع بأكثر من صيغة أن بين خروج بنى اسرائيل وقيام مملكة داوود وسليمان عليهما السلام ما بين اربعة قرون إلى خمسة قرون، وهذه المعلومة التى جائت بشكل عشوائى من عدة مصادر توراتية واسلامية اذ تم تطبيقها على حقل التاريخ فلابد أن تظهر المملكة الاسرائيلية بين القرنين الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد، فهل ظهرت بوادر وعلامات عامة على هذه المملكة التى ذكرتها التوراة والانجيل والقرأن الكريم مما يؤكد عظمتها؟

أولا الدليل الاركيولوجى ثبوت أن المدن التى نسبتها التوراة لسليمان عليه السلام كانت على هذا العهد ووجود اثر الشريعة الاسرائيلية فى الحروب الاوغاريتية من حرق وتدمير للحضارات الوثنية واسماء اسرائيلية صريحة فى تل العمارنة واوجاريت وتشابه الزبور مع اناشيد اتون والواح اوغاريت، وتشابه الأثر عن داوود عليه السلام والحديد عن ظهور الحديد المسبوك فى ذلك العصر.

ولابد على كل مسلم بل على كل مؤمن بكتب الوحى أن يوقن بأن داوود عليه السلام كان فى بداية العصر الحديدى أى قبل القرن الثانى عشر قبل الميلاد لأن داوود عليه السلام تعلم من الله عزوجل صناعة الحديد ولم تكن ظهرت فى زمانه فلابد أن يكون هو نفسه مؤسس صناعة الحديد فى حيثا واشور، وحتى بمقاييس العلم المادى اللادينى فإن التاريخ المادى يقول بأن اقدم اثر لصناعة الحديد فى الحروب كان فى فلسطين فى منتصف القرن الرابع عشر وفى مناطق نسبها الكتاب المقدس للعبرانيين الاسرائيلين فالدين والعلم المادى يشيران لذلك العصر.

ثانيا الدليل الوثائقى تشابه الاسفار التوراتية مع الوثائق التاريخية فى اسماء الملوك وقصصهم سواء داوود وسليمان عليهما السلام او حكام مملكة بنى اسرائيل عموما المذكورين فى القوائم الاشورية ومن علامات التشابه مثلا مملكة ميتان فوفقا للكتاب المقدس فى سفر يهوديت وسفر التكوين أن المديانيين كانوا يعيشون بالضبط فى المكان الذى حددته الاركيولوجيا لمملكة ميتان الحورية وهذا يعنى أن ميتان هى مديان.

ولكن التاريخ التوراتى فى سفر القضاة وفى التراث الشفهى الذى توارثه الاحبار ثم نقله الى التراث الاسلامى من اسلم من علماء بنى اسرائيل أن الذى بدء بإسقاط مملكة مدين هو طالوت رضى الله عنه،بينما التاريخ الاركيولوجى يقول بأن من بدء اسقاط مملكة ميتان هو باليط فى الوثائق الاشورية وتليبينيو فى الوثائق الحيثية وكل منهما: باليت وتلبينيو كان فى قوائم الملوك لاشور ولحاتى فما معنى ذلك ايها القارئ اللبيب؟

والحقيقة أنه ما من عالم من علماء الاثار إلا وربط بين عصر اخناتون وبين بنى اسرائيل ولكن كان الجميع يتوقف فى تحديد اى مرحلة من مراحل بنى اسرائيل كان اخناتون موجودا فالبعض قال موسى عليه السلام والبعض قال يوسف عليه السلام وكل هذا إجتزاء لأن اكثر عصر يتشابه مع عصر اخناتون فى الاسفار التوراتية هو عصر المملكة لأن عصر اخناتون هو عصر بناء المدن كما ذكرت وهو عصر الرخاء الاقتصادى والذهب وهو عصر تعدد الزوجات بشكل مبالغ فيه وهذه كانت اكثر انتقادات اللادينيين على النصوص الدينية عن داوود وسليمان عليهما السلام.

ولكن لا احد ينتقد مئات السرارى لامنحتب الثالث وعشرات السرارى لاخناتون وعدد لا حصر له من النساء لرعمسيس الثانى، وايضا هناك ظاهرة المحاريب والتماثيل فى عصرى سيتى الاول ورعمسيس الثانى ويُلاحظ أن ظاهرة المحاريب والتماثيل ظهرت فى مصر القديمة بعد حروب سيتى ورعمسيس على فلسطين وسوريا الوسطى واستجلاب العبيد من شعوبها وسأتحدث عن ذلك بالتفصيل بإذن الله تعالى.

ثالثا دليل الامتناع فأين الملك الحثى سوبيلوما فى الوثائق الاشورية رغم أنه كانت له علاقة قوية بأشور والاشوريون لا ينسون الملوك الاجانب الذين حكموهم، وأين الملك الكنعانى ادريمى فى الوثائق المصرية رغم ان فلسطين كانت تابعة لمصر زمن الملك الكنعانى ادريمى وهو من اعظم ملوك كنعان وأين ملوك اشور الاقوياء الذين تتحدث عنهم الوثائق الاشورية فى ذلك العصر؟وأين العصر السليمانى الذى تقول كتب التراث والاسفار التوراتية انه كان سليمان عليه السلام يحكم سوريا والعراق؟ الجواب اذا عدنا الى قوائم الملوك الاشورية فى عصر المملكة الاشورية الوسطى سنجد تشابها كبيرا مع ملوك بنى اسرائيل فى الاسفار التاريخية.

فاشوروباليت مؤسس المملكة الاشورية الوسطى يشبه صفى الله طالوت وخليفته ابنير بن نير يشبه انليل نيرارى فى القوائم الاشورية وخليفتهما اريك دائن ايللى معناها صاحب الكرسى داوود هللويا وكلها اسماء توراتية اقترنت بداوود عليه السلام وخليفة اريك دائن ايللى فى القوائم الاشورية هو اددنيرارى ويشبه ادونيا بن داوود الذى حكم المملكة عندما شاخ ابيه وخليفة ادونيا هو شالمانو اشارد اى سليمان الرفيع.

وبالمناسبة أن القوائم الحيثية اى قوائم المملكة الحيثية الحديثة تحديدا تشترك مع قائمة العصر الاشورى الوسيط فى الاسماء الثلاثة تحديدا: دائن ايللو وهو عند الحيثيين دود هاليا واددنيرارى وهو عند الحيثيين دودهاليا التالى وشالمانواشارد وهو عند الحيثيين ملك الارض الشهير سوبيلوما بن دودهاليا وهناك اشتراك اخر بين القائمتين فالملك باليط الاشورى يشبه الملك تلبيينوس الحيثى والملك توكلتى نينورتا خليفه شالمانو يشبه توليبينيو خليفة سوبيلوما وهناك ما هو اكثر فإسم مملكة بنى اسرائيل مذكور صراحة فى الاركيولوجية الحيثية بإسمها التوراتى مملكة يهوذا واسرائيل.

ولكن هناك اشكالية وحيدة فيما سبق وهى أن القوائم الاشورية اصلا مخطئة فى تحديد الازمان وقامت بتأخير عصور الملوك الكبار سرجون ونارام سن وشمشى ادد وايشمى داكان فالمنطق أن ذلك ينطبق على العصر الاشورى الوسيط وأنه ايضا متأخر عن عصره الحقيقى، الدليل الابرز أن الوثائق المنسوبة لتوكولتى نينورتا او لاددنيرارى ملك اشور تشهد بمعاصرته لكل من الملكين الميتانيين شوتارنا وشتى وزارا ولكن هذين الملكين كانا فى النصف الثانى من القرن الرابع عشر قبل التاريخ الذى افترضته القوائم الاشورية بقرن كامل ووفقا لنفس القوائم الاشورية فإن توكلتى نينورتا اسقط الملك البابلى”كاشتيماش” واخذ مقتنيات معبد الاله مردوخ إلى اشور.

ولكن هذه الحقبة لو اسقطناها على القوائم البابلية سنجد اسماء ملوك بابل تدل على أنهم يعبدون انليل وليس مردوخ كما أن إسم كاشتيماش كان قد انقطع اسمه منذ اكثر من قرن فى القوائم البابلية، وعدم منطقية القوائم الاشورية مع احداث التاريخ بالنسبة للعصر الاشورى الوسيط فأشوروباليت وفقا للتاريخ هو من اسقط مملكة ميتان فى عز سلطة وقوة وتوسع الحيثيين ولم تحدث مواجهة واحدة مع الحيثيين ولا مراسلة واحدة معهم رغم أن ميتان كانت على علاقة تبعية لهم وايضا كل من ادد نيرارى وشلمنصر قاما بفتوحات غربا وجنوبا ولم يصطدموا بالحيثيين ولا المصريين.

وهناك نقطة مهمة: معركة نهاريا التى وقعت فى العام العشرين من حكم شلمنصر الاشورى وادت الى سيطرة اشور على مساحات واسعة من ارض الحيثيين وفقا للقوائم الاشورية كانت فى الثلث الاخير من القرن الثالث عشر بينما الحيثيين كانوا فى اقوى اوضاعهم وكان بينهم وبين مصر اتفاقية دفاع مشترك وهذا ممتنع عقلا.

والمدهش أن اخبار حروب شلمنصر وادد نيرارى مع الحوثيين والميتانيين موجودة فى الوسائق الحيثية قبل العصر الذى يفترض أنها فيه بقرن كامل منسوبة لتود هاليا وسوبيلون ايللوما، وهو نفس ما تذكره التوراة عن دفع ملوك الحيثيين والاراميين الجزية لسليمان عليه السلام. وهذا يعنى يقينا أن شلمنصر وكل العصر الاشورى الوسيط لم يكن فى هذا العهد بل قبله تماما كما الحال مع كل ملوك القوائم الاشورية التى اخطئت فى ترميز عصورهم وجعلتهم متأخرين عن عصرهم الحقيقى.

رابعا وأخيراً هناك شهادات على عقيدة العبرانيين فى عصر اخناتون بأنها عقيدة اسلامية توحيدية مما يزيد ابيات الشعر أنها هى نفسها مملكة داوود وسليمان عليهما السلام، وهذه الشهادات هى: شهادة اخناتون واى السابق ذكرها، شهادة الكاهن الاوغاريتى ايللومليكى فى اسطورة الملك الكبير والتى استخدم فيها تعبيرات عقائدية كنعانية بالقول بأن الحابيرو كانوا يعبدون ايل ولهذا انتصروا على الاوغاريتين، بينما الملك الكبير فى الاسطورة وهو رمز لاوغاريت كان يعبد بعل ووفقا لاسفار العهد القديم والميثولوجيا الكنعانية فإيل هو الله جل وعلا وبلعال عند العبرانيين والكنعانيين هو ابليس اللعين.

وهناك شواهد اخرى مثل حرق وتدمير المعابد الوثنية فى سوريا والعراق واوغاريت جزئيا او كليا فى هذا العصر وهذا الحرق والتدمير يكون مصحوبا بهجوم الاشوريين او الحيثيين او العبرانيين وسنعرف ان شاء الله تعالى علاقة هذه الشعوب ببنى اسرائيل، وهناك تصريح فى ألواح رأس شمرا الاوغاريتية ان الذين يحرقون المعابد من الدوديم (تشبه بنى داوود)، ومن الشواهد على توحيد العبرانيين فى هذا العصر أنهم كانوا يطبقون شريعة التوراة فى ابسط الاشياء مثل حرق الغنائم كما تقول الوثائق فإذا كانوا يحرقون الغنم والبقر كما فى الشريعة المنزلة على موسى عليه السلام أفلا يلتزموا بالأولى وهو توحيد الله عز وجل.

والدليل الاخير هو دليل الامتناع إذ لم يثبت لمملكة الحيثيين فى ذلك العصر غير عبادة تيشوب وهو يشبه بإسمه وصفاته رب الارباب فى مزامير داوود وتيشوب هو نفسه الإله ادد السامى الذى هو ادون وربما هو الاله اتون وتيشوب كان رب الهكسوس الذين ثبت أنهم يرتبطون بيهوذا ارتباطا قويا ولم يثبت عن اوائل الهكسوس ولا اوائل الحيثيين:تودهاليا وسوبيلون اوما أنهم كانوا يعبدون إلها أخر غير تيشوب رب الارباب او رب العواصف.

شخصية داوود عليه السلام، وملكه يظهران فى القرن الرابع عشر قبل الميلاد

ظهور الاسماء التوراتية فقد ظهر فى هذا العصر اسم النبى داوود عليه السلام فى الوثائق الاشورية بإسم دائن ايللى وفى الوثائق الحيثية بإسم دوداهاليا، واسم الدولة التى حكمها دودهاليا فى الوثائق الحيثية اسسى-هاذيا وتشبه: اسرائيل ويهوذا وهناك الملك الكنعانى ادريمى ويتكون من مقطعين ادر-يمى = ادوارد الكائن بالله وهو تعبير يقوله الانبياء وقد قاله المسيح عليه السلام واهم مدينة مصرية خارج حدود مصر زمن اخناتون وهى مدينة جازر الفلسطينية كان يحكمها شخص اسمه على اسم ابن داوود “ادددونى” ونفس اسم الشخص كان حاكم لولاية نوخاشى السورية ويشبه “ادونيا”.

وظهر اسم رجال داوود ايضا فى الجيش الذى غزا لبنان تشوب سلمان ولوباكى يشبهان القائدين التوأمين فى جيش داوود فى الاسفار التوراتية: شمة الحرودى واليكا الحرودى لأن شمة هى سلمان بالسامية القديمة، وهناك اسم الحابيرو الذى اثار لغطا كبيرا وحاول البعض الخلط بين الحابيرو والشاسو رغم أن رسائل تل العمارنة تفرق بينهما ووفقا لسفر القضاة فإن عشيرة يهوذا التى سكن فى وسطهم داوود عليه السلام بعد ذلك وجعلهم جيشه كانوا فى مدينة حبرون وهم من اعطوا المدينة اسمها والمصرى القديم كان معتادا على تسمية الشعوب بأرضها فالحابيرو هم الحبرونيين من يهوذا جيش داوود على الارجح وما يقوى هذا هو ترجمة الخابيرى فى بعض الترجمات بالعفريين مما يذكرنا بعفرون الحثى فى سفر التكوين الذى يحكى نفس الحكاية التى فى سفر القضاة ولكن مع تغيير الشخصيات.

17فَوَجَبَ حَقْلُ عِفْرُونَ الَّذِي فِي الْمَكْفِيلَةِ الَّتِي أَمَامَ مَمْرَا، الْحَقْلُ وَالْمَغَارَةُ الَّتِي فِيهِ، وَجَمِيعُ الشَّجَرِ الَّذِي فِي الْحَقْلِ الَّذِي فِي جَمِيعِ حُدُودِهِ حَوَالَيْهِ، 18لإِبْرَاهِيمَ مُلْكًا لَدَى عُيُونِ بَنِي حِثَّ، بَيْنَ جَمِيعِ الدَّاخِلِينَ بَابَ مَدِينَتِهِ. 19وَبَعْدَ ذلِكَ دَفَنَ إِبْرَاهِيمُ سَارَةَ امْرَأَتَهُ فِي مَغَارَةِ حَقْلِ الْمَكْفِيلَةِ أَمَامَ مَمْرَا، الَّتِي هِيَ حَبْرُونُ، فِي أَرْضِ كَنْعَانَ، 20فَوَجَبَ الْحَقْلُ وَالْمَغَارَةُ الَّتِي فِيهِ لإِبْرَاهِيمَ مُلْكَ قَبْرٍ مِنْ عِنْدِ بَنِي حِثَّ.

وبناء على ما سبق فالحابيرو هم العفرونيين هم اليهوذيين هم الحبرونيين، وهناك تشابهات اخرى فالملوك الذين سمتهم القوائم الاشورية والحيثية باسم قريب من داوود اضافت لقب”ايللى” و”هاليا” وفى المزامير نجد تعبير “هللويا” منسوبا لداوود عليه السلام ومعناه “مسبح الله” وهناك فى الوثائق الاشورية لقب “اريك” وفى رسائل تل العمارنة ارسل الاراميون لاخناتون انهم فى قوة بسبب السلطان القوى، والتوراة تصف داوود عليه السلام صراحة بصاحب الكرسى.

ظهور الاحداث التوراتية فالنشاط الاشورى الجزئى فى عصر اشورو باليت ومابعده يشبه ما تذكره التوراة عن ابنير بن نير وايشبوشت بن شاول، قبل أن يتمكن داوود عليه السلام من الملك الكامل، والانقطاع بين اسمى داوود فى قوائم المملكة الحيثية الحديثة وما ورد عن ضياع المملكة فى فترة تودهاليا يذكرنا بثورة ابشالوم على ابيه داوود عليه السلام وانسحاب داوود إلى الجنوب.

وايضا قصة الملك ادريمى الكنعانى والتمرد عليه فى ملكه فى شمال سوريا يذكرنا بهذه الثورة التى قادها ابشالوم وعصر ادريمى قريب جدا من عصر تودهاليا بل يوازيه ومملكتهما قريبة فالراجح بإذن الله تعالى أن التمرد فى بيت والد ادريمى هو ثورة ابشالوم وحملة داوود عليه السلام على الاراميين وجعلهم يدفعون الجزية تشبه حملة ملك حيثا على لبنان وامورو فى وثائق تل العمارنة مع ملاحظة خطأ من قال بأن هذا الملك الحيثى هو سوبيلوما لأن سوبيلوما حكم فى نهاية عهد اخناتون وهذه الحملة كانت فى بداية او وسط عصر اخناتون فإن لم يكن الملك الحيثى هو سوبيلوما فهو دودهاليا.

والمدهش أن اسماء الملوك الذين دفعوا الجزية للملك الحيثى فى الوثائق الحيثية والمصرية يشبهون ملوك ارام الذين دفعوا الجزية لداوود عليه السلام فتوعى ملك حماة يشبه تونب فى وثائق تل العمارنة وملك ارام الذى قتله داوود كما فى سفر الملوك وفى الاصحاح الرابع من سفر القضاة يشبه عزيرو ملك امورو فى رسائل تل العمارنة وإن كانت هذه المسألة سيتم مناقشتها إن شاء الله تعالى فى مقالة مستقلة عن مملكة سبأ،واماملك بيروت زمن داوود عليه السلام رمون يشبه ملك بيروت فى وثائق تل العمارنة “امونيرا” وقد ذكرت الاسفار التوراتية أن داوود عليه السلام قد وصل بقواته الى نهر الفرات وهنا تشترك الوثائق الحيثية والاشورية فى ان ملك الحيثيين فى حالة الوثائق الحيثية واددنيرارى بن دائن ايللى فى حالة الوثائق الاشورية قاموا بمهاجمة شمال سوريا.

وما زال نقش منسوب لادد نيرارى بنفسه يعلن ذلك والذى يجعلنى واثق انهما يتحدثان عن نفس الحدث أنهما ذكرا نفس الاسمين لملكى ميتان: “شوتارنا” و”وزارا” وما ذكرته الاسفار التوراتية عن تعيين داوود عليه السلام لمحافظين فى ارام دمشق ذكرته الوثائق الحيثية أن ملك الحيثيين عزل الحوريين فى المحافظات الميتانية بشمال سوريا وعين موالين له، وما ذكره سفر الملوك الاول عن هروب هدد الادومى الى مصر وزواجه من اخت تحفنيس زوجة فرعون يذكرنا بما ورد فى رسائل تل العمارنة عن رغبة عبدى خيبا حاكم اورشليم أن يعود الى مصر ليموت بجوار الفرعون هو واولاده بعد ان ضاعت المملكة بيد الحابيرى وايضا ما ورد فى رسائل تل العمارنة عن ذهاب عزيرو ملك امورو الى مصر وحسن استقبال الفرعون له، وهناك واقعة الطاعون التى سجلتها الوثائق الحيثية فى نهاية ملك احد الملوك الحيثيين الاوائل تودهاليا أو سوبيلوما وفى التراث الاسرائيلى الشفهى كما فى تاريخ الطبرى وغيره أن بنى اسرائيل اصابهم الطاعون على اخر عهد داوود عليه السلام.

ذكر القدس فمن اهم الاعمال المنسوبة لداوود عليه السلام فتح اورشليم (القدس) ومن اشهر ما وجد فى رسائل تل العمارنة استغاثات عبدى خيبا ملك اورشليم من الحابيرو ويلاحظ أنه فى عصر داوود عليه السلام كان هناك شخص اسمه عوبيدادوم تشبه عوبيد هيدوما او عبد ايهبا.. لنقرء من موسوعة الانبا تكلا عن “عوبيد ادوم الجتى”.

ولا ننسى هنا للمشككين من القراء أن معظم الاثريين يخلطون بين الحابيرو وبنى اسرائيل او العبرانيين على الاقل فالذين كانوا يهاجموا القدس التى هى مقدسة لبنى اسرائيل فى زمن اخناتون كانوا عبرانيين، حتى سقطت المدينة تماما كما تحكى الاسفار التوراتية عن داوود عليه السلام، وهناك المزيد فعبدى خيبا كان يشتكى فى رسائل تل العمارنة مر الشكوى من تحالف اخوانه فى المدن المحيطة والجارة وتواطئهم مع الحابيرى، والاسفار التوراتية تقول بأن داوود عليه السلام تفاوض وتحالف مع اليبوسيين قبل غزو اورشليم واستمع لنصائحهم، وعبدى خيبا كان يرسل لإخناتون بأن ارض امارة اورشليم تسقط قطعة قطعة والاسفار التوراتية تقول بأن داوود عليه السلام اخذ حصن صهيون اولا ثم باقى ارض اليبوسيين ثانيا.

ونقطة اخيرة بشأن القدس فالتوراة تقول بأن داوود عليه السلام بنى سورا مستديرا حول القلعة فى القدس والوثائق الكنعانية تتحدث عن الملك ادريمى الذى حكم فى كنعان وكان مشهورا بالتراتيل والغناء كما كان داوود عليه السلام امام المغنيين وكان يبنى الحصون والقلاع، وادريمى قريب من ادوارد، وليس هذا وجه الشبه الوحيد فإدريمى هرب من حلب من الشمال وداوود عليه السلام وفقا للاسفار التوراتية هرب من طالوت رضى الله عنه الى الجنوب، ولم يكن فى التاريخ الفلسطينى فى هذه الحقبة فترة مناسبة لظهور الملك ادريمى الا حقبة العمارنة لأن فيها استقلت فلسطين عن سلطة مصر.

شخصية سليمان عليه السلام، وملكه يظهران فى القرنين الرابع عشر والثالث عشر

ظهر اسم سلمانواسارد فى القوائم الاشورية خلفا لادد-نيرارى واسم سوبيلوما فى القوائم الحيثية خلفا لدودهاليا وهو مكون من مقطعين سوبيلون-اوما = سوبيلون-ايمى = سليمان الكائن بالله(كقول المسيح ايجو ايمى)، وتقول الوثائق الحيثية أن سوبيلون بعد ان قتل اخيه الاكبر دودهاليا بدعم بعض الكهنة (وهذا اول تشابه بين الوثائق الحيثية والاسفار التوراتية عن قتل سليمان لادونيا بدعم ناثان الكاهن) وهناك تشابه الخلفاء وان كنت اؤجل هذه النقطة بتفصيلاتها ان شاء الله تعالى إلى المقالة القادمة عن حضارة يهوذا وهناك تشابه الصفات ايضا فكل من سوبيلوما وسليمان تسمى بملك الارض وظهر اسم ام سوبيلوما فى الوثائق الحيثية ديداهيبا وتشبه تشيبع الاسم العبرانى لام سليمان رضى الله عنها فى الاسفار.

وهناك اسماء اخرى فأسطورة سالمانصر وسمورات تشبه سليمان وبلقيس  لأن سمورات يمكن تقسيمها سا-مور-ارت أى اميرة أرض سبأ ولا ننسى أن هناك مملكة ذكرتها الوثائق الاشورية عن عصر شلمنصر الاول كانت منقطعة عن الجزية اسمها (سوبا ارتو) أو ارض سبأ ومنطقة السليمانية فى العراق الى الان فى نفس الموضع الذى حكم فيه سالمانصر وهناك النبى يونس عليه السلام فالأخبار انه من نسل سليمان عليه السلام ويونس عليه السلام كان فى نينوى مما يؤكد ما هو مؤكد اصلا أن سليمان عليه السلام هو سالمانصر.

تشابه الاحداث التوراتية والاركيولوجية فالعلاقة مع حيرام ملك صور فى الاسفار التوراتية نجدها فى رسائل تل العمارنة أن ملك صور يقول للفرعون انه خادمه وخادم شالمايا وبالطبع شالمايا هو ملك الحيثيين سوبيلوما وقد افرد اليهودى فيلوفسكى فصلا من كتابه “عصور فى فوضى” للتدليل أن سوبيلوما الملك الحيثى هو نفسه شلمنصر فى القصص الاشورية ولكن حاول فيلوفسكى التغلب على اشكالية القوائم الاشورية التى تعرضت لها بكلام مضحك لم اتصور ان يهوديا يقوله ولا داعى لذكره، ومن وجوه التشابه فى الرسالة 41 من رسائل تل العمارنة من سوبيلوما ملك الحيثيين يخبر الفرعون أنه يريد الذهب والفضة من مصر وأنه ينقل الاشياء من مصر على مركبات حربية وسيرسل قماشا والاسفار التوراتية تخبرنا بأن سليمان عليه السلام كان يرسل المركبات الحربية لأخذ الفضة من مصر فى مقابل ما اسمته “جليبة”، “وكان مخرج الخيل التي لسليمان من مصر وجماعة تجَّار الملك أخذوا جليبة بثمن”[28].

وهناك تشابه فى قصة الزواج بين ابنة اخناتون او اى وبين ابن ملك الحيثيين وبين زواج سليمان بإبنة فرعون فى الاسفار التوراتية، وإن كان كاتب هذه السطور يعتقد بعد تمحيص أن الشخص الذى تزوج ابنة فرعون وتزوج بألف امرأة وقالت الاسفار التوراتية بأنه بنى معابد لألهة الوثنيين هو شخص حقيقى من نسل داوود او من نسل سليمان وليس سليمان عليه السلام نفسه لأنه نبى مهدى وهناك نقش منسوب لادد نيرارى او توكلتى نينورتا انه يمجد الالهة الوثنية بعد اله اشور وانه اخذ كثيرا من السرارى.

ولو صح هذا النقش الاركيولوجى وربطناه بعلة قتل سليمان عليه السلام لادونيا لأنه اراد مخالفة الشريعة والإقتران بغير اسرائيلية فالذى اقترن بألف امرأة هو ادونيا لا سليمان ولكن لايمكن الحكم بذلك لأن الوثائق الاركيولوجية لا تعطينا عقائد ابدا فلكى نعرف حقيقة هذا الشخص لابد من تحديد من صاحب النقش الاشورى الذى يتحدث عن غزو ميتان هل هو ادد-نيرارى سلف سليمان عليه السلام ام توكلتى نينورتا خليفة سليمان عليه السلام فى اشور؟ ام شخص متأخر؟

سيتم مناقشة كل هذه الحقائق إن شاء الله تعالى فى مقالة قادمة

وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ

هناك اشياء سيتم مناقشتها مثل حقيقة توكلتى نينورتا وقصة زواج سليمان عليه السلام بالفرعونية ومن الشخص الحقيقى المتسبب فى نشر الوثنية فى ختام عهد سليمان عليه السلام .وهناك دليل مادى لمن لا يؤمن بالوحى على براءة سليمان عليه السلام وهى أن احدا من كبار بنى اسرائيل لم يعاير رحبعام ابن سليمان ولا احدا من بنى داوود بأن ابيهم كان مشركا او خالف الشريعة رغم ما عرف عن اليهود حتى الان بوجود طوائف منهم شديدة التمسك بالشريعة، وايضا لم يعترض احد على قتل سليمان عليه السلام لادونيا لأنه طلب استحلال امرأة ابيه، ويبدو أن عقوبة ذلك القتل كما فى الاصحاح الثامن عشر من سفر اللاويين

5فَتَحْفَظُونَ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي، الَّتِي إِذَا فَعَلَهَا الإِنْسَانُ يَحْيَا بِهَا. أَنَا الرَّبُّ. 6«لاَ يَقْتَرِبْ إِنْسَانٌ إِلَى قَرِيبِ جَسَدِهِ لِيَكْشِفَ الْعَوْرَةَ. أَنَا الرَّبُّ. 7عَوْرَةَ أَبِيكَ وَعَوْرَةَ أُمِّكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا أُمُّكَ لاَ تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا. 8عَوْرَةَ امْرَأَةِ أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا عَوْرَةُ أَبِيكَ.

ومن علامات التشابه بين الاسفار التوراتية والاركيولوجية النص الصريح فى سفر الملوك أن سليمان عليه السلام كان ملكا على الحيثيين والاراميين فى الاصحاح العاشر

29وَكَانَتِ الْمَرْكَبَةُ تَصْعَدُ وَتَخْرُجُ مِنْ مِصْرَ بِسِتِّ مِئَةِ شَاقِل مِنَ الْفِضَّةِ، وَالْفَرَسُ بِمِئَةٍ وَخَمْسِينَ. وَهكَذَا لِجَمِيعِ مُلُوكِ الْحِثِّيِّينَ وَمُلُوكِ أَرَامَ كَانُوا يُخْرِجُونَ عَنْ يَدِهِمْ.

وفى التراث الاسلامى اخبار كثيرة تربط سليمان عليه السلام بالعراق منها أنه قابل بلقيس فى الكوفة وكان يغزو اصطخر الايرانية وكابل الأفغانية ومنها ان الشياطين استخرجت كتب السحر تحت كرسيه بالعراق وغيرها ومن هذه النصوص وغيرها تذكرنا بكلام الوثائق الاشورية عن سالمانصر والحيثية عن سوبيلوما، ومن علامات التشابه ايضا ما ذكرته رسائل تل العمارنة عن هروب الارامى برياوزارا الى دمشق والتحصن بها وهى تشبه قصة سفر الملوك عن هروب روزن بن هدد من سليمان عليه السلام الى دمشق،ومن تشابه الاركيولوجيا ايضا ثبوت بناء مدن فى منطقة حلب لسوبيلوما ملك الحيثيين واسفار التوراة تقول بأن سليمان عليه السلام بنى مدن مخازن فى حماة.

هناك مسألة الجن ففى كتاب”حضارات مابين النهرين” لديلابورت يورد وثائق اشورية عن استخدام الجن فى البناء وهذا متوقع مع قصص سليمان الاشورى ولكن المفاجأة هو فى قصة دمار بعض المدن الاوغاريتية بين القرنين الرابع عشر والثالث عشر فهذا الدمار غامض وعجيب وحاول البعض تفسيره بالزلزال البحرى ولكن هل الزلزال انتقائى وذكى ليختار المدن المستهدفة من الحيثيين والعبرانيين ونجد فى الواح رأس الشمرا ان الكاهن ايللى ميلليكو يتحدث عن كائنات سماوية وشياطين الكروبيم تسبق جيش الدوديم (الدوديم هم الداووديين بيت داوود)، وبالطبع نحن كمؤمنين بالقرأن الكريم نعرف معنى هذا فى قصة سليمان عليه السلام ولكن لاتزال القضية متروكة لعلماء الاثار ليثبتوا أن هذه الهجمات التى تفسيرها فى كتب التراث بالريح والجن حقيقة واية من ايات الله عزوجل.

من علامات التشابه ايضا الاحكام فعبودية الاممين من غير بنى اسرائيل حتى وفاة سليمان عليه السلام سجلتها التوراة عن سليمان عليه السلام وسجلتها الوثائق الحيثية عن سوبيلون وكما اكدت التوراة منع الاممين اكدت الوثائق الحيية وجود قيود على الاممين وهناك ايضا قتل الذى استحل حليلة ابيه كما فعل مع ادونيا منسوبة لسوبيلون.

واختم هذه النقطة بفضل الله تعالى بالقول ان الاحكام والشرائع عند الحيثيين خصوصا المنسوبة لسوبيلون هى احكام التوراة نصا.

الملك اخناتون يظهر فى الاسفار التوراتية

قبل الحديث فى هذه المسألة لابد أن تفهم ان كلمة مصر فى ذهنية كاتب التوراة هى مصر بحدود ما قبل عصر اخناتون التى كانت تضم فى حدودها الساحل الفلسطينى وربما اللبنانى معه، والدليل ليس فقط اركيولوجى بل توراتى ففى سفر التكوين وايضا سفر اخبار الايام.

13وَمِصْرَايِمُ وَلَدَ: لُودِيمَ وَعَنَامِيمَ وَلَهَابِيمَ وَنَفْتُوحِيمَ 14وَفَتْرُوسِيمَ وَكَسْلُوحِيمَ. الَّذِينَ خَرَجَ مِنْهُمْ فِلِشْتِيمُ وَكَفْتُورِيمُ.

هذه المقدمة ضرورية لأنى اطالب كل المختصين بالاثار والتاريخ ان يقرئوا الاسفار التوراتية وينزعوا كلمة فلسطين ويضعوا مكانها مصر او مصر وميتان لأن مصر وميتان كانتا حليفتين لفترة طويلة وستجد حقائق التاريخ واضحة امامك هناك ثلاثة مواضع من الاسفار تشير لعصر اخناتون: احدها تشير لشخصه والثانية لزوجته والثالثة لاخيتاتون العاصمة.

فى سفر صموائيل الاول هرب داوود عليه السلام من طالوت الى مملكة جت وفى بعض الترجمات التوراتية “جتايم” واحيانا تربط الاسفار التوراتية جت بمملكة “جوب” ويُلاحظ أن اسم مصر فى عصر اخناتون خصوصا والدولة الحديثة عموما هو “جب” ومنها جاءت الكلمة “جبت” ولو قرئت التعبيرات التوراتية عن مملكة”جت” التى هرب اليها داوود عليه السلام لعرفت أنها فى اقصى جنوب فلسطين لأن داوود عليه السلام حين خرج منها الى ارض شور صعد اى توجه شمالا، وهناك اشارات على اتساع هذه المملكة بحيث أن داوود عليه السلام تحرك فى اكثر من مكان منها وهذه المملكة جت كانت لها سلطة على فلسطين لدرجة أن ملكها اعطاه صقلع ليهوذا.

وهناك اشارة اخيرة على حقيقة جت وهى دليل التمانع فيُلاحظ أنه فى سفر صموائيل الاول والثانى لم يتم ذكر مصر ولا ملوكها رغم ضراوة الحروب فى فلسطين واقرب جارة من الجنوب هى مصر، وكيف لم تنزعج مصر من هذه الحروب وكيف لم تسعى للقتال أو للسلام مع الدولة الجديدة الناشئة لأن المنطق يقول إن أى دولة جديدة مثل دولة داوود لابد لها من إتصال بمصر كما حصل مع سليمان عليه السلام فلابد من وجود مصر وما يزيد القناعة بأن جت هى مصر أن سفر الملوك الاول يحكى عن هروب هدد الادومى ويربعام إلى مصر، فلماذا لايكون هروب داوود وعبدى شمعى بن جيرا أيضا إلى مصر؟

واما ملك جت فهو اخيش والاخيش هو الردئ عموما ولكن هناك ملكان فى تاريخ مصر كانا مخنسان فى الخلقة ويستحقان لقب اخيش بالفعل اخناتون وابنه توت عنخ امون والاول كان اكثر ابتلائا فى خلقته ولعل اقوى الادلة أن اخيش هو اخناتون هو اسطورة اوديب واوديب هو المتورم ومعلوم أن هذه الاسطورة مأخوذة من قصة اخناتون فأخيش هو اخناتون،وهناك ما يتعلق بصفة اخيش بن معكت هذا فالعبرانيون كانوا يستسهلون خداعه كما فى سفر صموائيل الاول وقد خدعه داوود عليه السلام مرتين وهذا يذكرنا بخداع امراء سوريا لإخناتون.

واما اسم اخيش فى الاسفار التوراتية فأخيش بن معوك وفى موضع اخر فى سفر الملوك الاول اخيش بن معكت وهذه اصح ومعكت هى ماعت ربة العدالة المصرية واخناتون كان والده اسمه “نب ماعت” أى سيد العدل وكان اخناتون نفسه يسمى نفسه بقرين ماعت وفى اسطورة اوديب نجد توصيفه بالملك العادل، ونلاحظ تعبيرا توراتيا على لسان اخيش بن معكت عن داوود عليه السلام “ليصير عبدا لى للأبد” وهذا تعبير يعنى دخوله إلى بلاط الملك اخيش وهنا نتذكر “دودو” الفم الاعلى لاخناتون مع ملاحظة تشابه لقب “الفم الاعلى” مع “امام المغنيين” وملحوظة اخرى وهى أن المزمور104 تعمد عدم التصريح بأن الشمس مخلوقة والانشودة الاتونية هى نفسها المزمور104 من مزامير داوود، وكأن الذى قال المزمور104 يعرف أنه فى مجتمع شمسى يعتقد بحلول الرب فى الشمس فلم يرد مناقشة هذه القضية الفلسفية المتعلقة بصفات الله عز وجل إلا بعد اقرار مبدأ الوحدانية واكتفى بالحديث عن وحدانية الله عزوجل وعظمته.

الموضع الثانى لذكر اخناتون هو اسم زوجة الفرعون التى هرب عنده هدد الادومى من داوود عليه السلام فى سفر الملوك الاول وهو تحفنيس ومع قلب الحاء الى خاء فى الهيروغليفية والفاء الى باء فى الهيروغليفية يصير الاسم تخبنيس وهو قريب من الاميرة تدوخيلبا التى تزوجها كل من امنحتب الثالث ونجله اخناتون، وزواج هدد الادومى من اختها منطقى لأنه حرام على غير المصرى الزواج بمصرية فما بالك بأميرة اخت ملكة، وايضا هدد الادومى من مدين التى هى ميتان كما اشار سفر الملوك وتدوخيلبا ميتانية فكذلك اختها فتصير القصة منطقية.

الموضع الاخير الذى تم ذكر فيه اخناتون بذكر مدينة اخيتاتون فى سفر اشعياء فى الاصحاح التاسع عشر ففى الجزء الاول من الاصحاح يتحدث عن الحوادث التى وقعت بمصر فى عصر الانتقال الثانى بعد هلاك فرعون وهناك تشابه كبير بين الاحداث فى بردية نفررهو وبين الجزء الأول من الاصحاح التاسع عشر من اشعياء مما يؤكد صحة الاستدلال على عصرى الخروج والمملكة الموحدة.

وفى الجزء الثانى حينما يتحدث عن عصر تكون فيه ارض يهوذا رعبا لمصر ويتم بناء خمسة مدن كنعانية فى مصر، ونتذكر بأن ارض يهوذا كانت رعبا لمصر فى عصر اخناتون وحتى عصر سيتى وأما المدن الخمسة فهى الاربعة التى بناها سليمان عليه السلام فى داخل ممتلكات مصر فى فلسطين والخامسة هى اخيتاتون ففى سفر الملوك الاول.

وَحَاصُورَ وَمَجِدُّو وَجَازَرَ. 16صَعِدَ فِرْعَوْنُ مَلِكُ مِصْرَ وَأَخَذَ جَازَرَ وَأَحْرَقَهَا بِالنَّارِ، وَقَتَلَ الْكَنْعَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي الْمَدِينَةِ، وَأَعْطَاهَا مَهْرًا لابْنَتِهِ امْرَأَةِ سُلَيْمَانَ. 17وَبَنَى سُلَيْمَانُ جَازَرَ وَبَيْتَ حُورُونَ السُّفْلَى

ومعلوم أن جازر كانت اهم مدينة لمصر خارج حدودها وفى دراسة قادمة إن شاء الله تعالى عن ملكة سبأ سنعرف سر بناء جازر ، وهذه المدن التى بلسان كنعان التى تحدث عنها سفر اشعياء واما مدينة الشمس فهى اخيتاتون واما مذبح الرب فهو ما اقامه اخناتون لعبادة اتون واما الاشوريون فهم انفسهم الحيثيون كما اشار مانيتون وهم جنود مملكة بنى اسرائيل وملك اشور هو نفسه ملك حيثا، تعالوا نقرء سويا فى سفر اشعياء.

17وَتَكُونُ أَرْضُ يَهُوذَا رُعْبًا لِمِصْرَ. كُلُّ مَنْ تَذَكَّرَهَا يَرْتَعِبُ مِنْ أَمَامِ قَضَاءِ رَبِّ الْجُنُودِ الَّذِي يَقْضِي بِهِ عَلَيْهَا.18فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ فِي أَرْضِ مِصْرَ خَمْسُ مُدُنٍ تَتَكَلَّمُ بِلُغَةِ كَنْعَانَ وَتَحْلِفُ لِرَبِّ الْجُنُودِ، يُقَالُ لإِحْدَاهَا «مَدِينَةُ الشَّمْسِ». 19فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ، وَعَمُودٌ لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخْمِهَا. 20فَيَكُونُ عَلاَمَةً وَشَهَادَةً لِرَبِّ الْجُنُودِ فِي أَرْضِ مِصْرَ. لأَنَّهُمْ يَصْرُخُونَ إِلَى الرَّبِّ بِسَبَبِ الْمُضَايِقِينَ، فَيُرْسِلُ لَهُمْ مُخَلِّصًا وَمُحَامِيًا وَيُنْقِذُهُمْ. 21فَيُعْرَفُ الرَّبُّ فِي مِصْرَ، وَيَعْرِفُ الْمِصْرِيُّونَ الرَّبَّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، وَيُقَدِّمُونَ ذَبِيحَةً وَتَقْدِمَةً، وَيَنْذُرُونَ لِلرَّبِّ نَذْرًا وَيُوفُونَ بِهِ. 22وَيَضْرِبُ الرَّبُّ مِصْرَ ضَارِبًا فَشَافِيًا، فَيَرْجِعُونَ إِلَى الرَّبِّ فَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ وَيَشْفِيهِمْ.

23فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَكُونُ سِكَّةٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى أَشُّورَ، فَيَجِيءُ الأَشُّورِيُّونَ إِلَى مِصْرَ وَالْمِصْرِيُّونَ إِلَى أَشُّورَ، وَيَعْبُدُ الْمِصْرِيُّونَ مَعَ الأَشُّورِيِّينَ. 24فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ إِسْرَائِيلُ ثُلُثًا لِمِصْرَ وَلأَشُّورَ، بَرَكَةً فِي الأَرْضِ، 25بِهَا يُبَارِكُ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلاً: «مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ، وَعَمَلُ يَدَيَّ أَشُّورُ، وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلُ».

الملك سيتى الاول يظهر فى الاسفار التوراتية

لفترات كثيرة تصور الكثيرون أن الملك الذى اسقط المملكة الاسرائيلية بعد موت سليمان عليه السلام هو شيشنق ولكن هذا الطرح مردود من وجوه فأولا شيشنق لم يذكر اورشليم ولا رحبعام فى غزواته، وثانيا حملات شيشنق كانت على كل فلسطين بينما القصة التوراتية تتحدث عن تحالف ملك مصر مع يربعام ملك المملكة الشمالية، وثالثا شيشنق لا يمكن تنطق شيشق لأن حرف النون لابد أن يظهر او على الاقل يظهر بديل له لأنه ليس من حروف المد، ورابعا هناك اشكالية فى الحسابات وهى أن شلمنصر الثالث هاجم اسرائيل والسامرة فى عصر هوشع بن ايلة بعد قرنين لثلاث قرون من عصر سليمان على الحساب اليهودى والكنسى ولكن شلمنصر الثالث بينه وبين شيشنق ما بين قرن الى قرن ونصف فقط، فمن هو شيشك او سيسك؟

الاسم المصرى سيسك مركب من سي-سيك وسياق النص التوراتى نفسه يتحدث عن السكيين فى جيش سيسك والسكيين فى تفسيرات الاسفار هم شعب البحر الاحمر وشرق مصر ومعلوم أن شرق مصر كانوا يعبدون الاله سيت فيكون الاسم هكذا سى سيت وهو الملك سيتى الاول، وما يشهد لهذا التفسير هو مانيتون فى كتاب ضد ابيون الذى اكد أن من صد هجمة الرعاة الثانية (يقصد زحف المملكة المتحدة على حدود مصر) هما سيتوس ورعمبسيس وسنثبت لك صدق كلامه إن شاء الله تعالى.

السياق التوراتى يتحدث عن غزوات متتالية لسيسك على فلسطين وليست غزوة واحدة وهذا يتوافق مع تاريخ سيتى الاول، واما رحبعام بن سليمان فمن المدن المهمة التى غزاها سيسك مدينة رحوبو فى فلسطين وبيت شائيل تشبه اورشليم ولا ننسى أن اماكن غزوات سيتى الاول كلها كانت فى مراكز مملكة بنى اسرائيل فى الضفة الغربية والجليل الاعلى وجنوب سوريا وكل هذه الاماكن مسجلة على الكرنك، كما لا ننسى أن المعاهدة التى وقعها سيتى الاول مع الحيثيين وهى اول معاهدة سلام فى التاريخ تشبه تحالف يربعام مع سيسك.

عمليات البناء للمعابد فى عصرى سيتى ورعمسيس تمت بعد اخذ العبرانيين عبيدا وسنتحدث عن ذلك لاحقا بإذن الله تعالى ولكن المهم أن هذه الحقيقة التاريخية بأن سيتى والرعامسة استخدموا العبرانيين وخبراتهم مع سليمان عليه السلام فى البناء مسجلة فى الوثائق المصرية وفى سفر اخبار الايام الثانى.

كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى شَمْعِيَا قَائِلاً: «قَدْ تَذَلَّلُوا فَلاَ أُهْلِكُهُمْ بَلْ أُعْطِيهِمْ قَلِيلاً مِنَ النَّجَاةِ، وَلاَ يَنْصَبُّ غَضَبِي عَلَى أُورُشَلِيمَ بِيَدِ شِيشَقَ، 8لكِنَّهُمْ يَكُونُونَ لَهُ عَبِيدًا وَيَعْلَمُونَ خِدْمَتِي وَخِدْمَةَ مَمَالِكِ الأَرَاضِي».

الملك رعمسيس الثانى يظهر فى سفر القضاة ويؤكد الاركيولوجيا

لا ادرى كيف لم يلتفت الباحثون لهذه النقطة، ربما لأن الهوس بكون رعمسيس الثانى هو فرعون الخروج اعمى العيون عن حقائق مدهشة، بداية لابد من اضاءة نقطة معتمة ظلت معتمة لمئات السنين فالملك الاسرائيلى جدعون الذى فى سفر القضاة ابتداء من الاصحاح السادس ليس إلا طالوت رضى الله عنه نظرا لتشابه الاسماء والصفات خصوصا المعركة التى ذكرها القرأن الكريم والسُنة المطهرة والمذكورة فى سفر القضاة، وهذا يعنى أن الاصحاح الرابع والخامس من سفر القضاة له إقتران ما بعصر طالوت.

ولكن لأسباب تاريخية لا يمكن الزعم أن سيسرا المذكور فى الاصحاح الرابع ودبورا قى الاصحاح الخامس قبل طالوت فلابد فى النظر فى الاسطورة المذكورة فى الاصحاح الثالث وهى اسطورة اهودا بن جيرا وشمجر بن عنات فى سفر القضاة ففى الاصحاح الثالث من سفر القضاة يتحدث الكاتب عن عملاقين اسرائيليين بإسم اهودا بن جيرا وشمجر بن عنات، وفى اللغة العبرانية القديمة “بن” تحتمل معنى الابن او اللصيق الرفيق، وليس فى العبرانية فقط بل فى كل لغات سام، والكتاب المقدس بشقيه العهد القديم والجديد حافل بإستخدام البنوة بمعنى الالتصاق والرفقة.

لماذا اقول هذا؟ لأن المسعودى فى مروج الذهب يفاجئنا بأن شمجر او شمعن هو ابن اهودا وهذا معناه ان اهودا بن جيرا البنيامينى هو اهودا رفيق جيرا البنيامينى وشمجر بن عنات هو شمجر رفيق عنات وهناك زيادة فى اسم اهودا فإسمه “اهودا الاعسر” ولكن فى كتبنا التراثية كالطبرى وهى اصح اسمه “اهودا الاشد” فمن اهودا الاشد؟ الجواب من جيرا البنيامينى؟ انه رفيق داوود عليه السلام شمعى بن جيرا البنيامينى فاهودا الاشد هو داوود ذا الايد عليه السلام الذى شدد الله رب العالمين ملكه وعجلون الذى استعبد بنى اسرائيل هم الموأبيين الذين قتلوا طالوت رضى الله عنه وطردوا بنى اسرائيل من مدنهم فتجد فى سفر القضاة عن اهود

فَنَزَلُوا وَرَاءَهُ وَأَخَذُوا مَخَاوِضَ الأُرْدُنِّ إِلَى مُوآبَ، وَلَمْ يَدَعُوا أَحَدًا يَعْبُرُ. 29فَضَرَبُوا مِنْ مُوآبَ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ نَحْوَ عَشَرَةِ آلاَفِ رَجُل، كُلَّ نَشِيطٍ، وَكُلَّ ذِي بَأْسٍ، وَلَمْ يَنْجُ أَحَدٌ. 30فَذَلَّ الْمُوآبِيُّونَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَحْتَ يَدِ إِسْرَائِيلَ. وَاسْتَرَاحَتِ الأَرْضُ ثَمَانِينَ سَنَةً.

وتجد فى سفر صموائيل الثانى:

26وَحَارَبَ يُوآبُ رِبَّةَ بَنِي عَمُّونَ وَأَخَذَ مَدِينَةَ الْمَمْلَكَةِ. 27وَأَرْسَلَ يُوآبُ رُسُلاً إِلَى دَاوُدَ يَقُولُ: «قَدْ حَارَبْتُ رِبَّةَ وَأَخَذْتُ أَيْضًا مَدِينَةَ الْمِيَاهِ. 28فَالآنَ اجْمَعْ بَقِيَّةَ الشَّعْبِ وَانْزِلْ عَلَى الْمَدِينَةِ وَخُذْهَا لِئَلاَّ آخُذَ أَنَا الْمَدِينَةَ فَيُدْعَى بِاسْمِي عَلَيْهَا». 29فَجَمَعَ دَاوُدُ كُلَّ الشَّعْبِ وَذَهَبَ إِلَى رِبَّةَ وَحَارَبَهَا وَأَخَذَهَا. 30وَأَخَذَ تَاجَ مَلِكِهِمْ عَنْ رَأْسِهِ، وَوَزْنُهُ وَزْنَةٌ مِنَ الذَّهَبِ مَعَ حَجَرٍ كَرِيمٍ، وَكَانَ عَلَى رَأْسِ دَاوُدَ. وَأَخْرَجَ غَنِيمَةَ الْمَدِينَةِ كَثِيرَةً جِدًّا. 31وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِي فِيهَا وَوَضَعَهُمْ تَحْتَ مَنَاشِيرَ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسِ حَدِيدٍ وَأَمَرَّهُمْ فِي أَتُونِ الآجُرِّ، وَهكَذَا صَنَعَ بِجَمِيعِ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.

والعدد عشرة الاف المذكور فى سفر القضاة لا يصح إلا مع داوود عليه السلام وإلا كان ولابد أن يُذكر اهود فى التاريخ الاسرائيلى وهناك دليل او شاهد أخر أن الاصحاح السادس من سفر القضاة الذى يشبه قصة طالوت رضى الله عنه لا نجد ذكرا لسيسرا ولا لاهودا وكأن الاحداث قد انقطعت ومديان التى حاربها طالوت أو جدعون واضح من مواصفاتها فى اسفار القضاة وغيرها أنها ميتان لأنها كانت فى شرق فلسطين لا جنوبها فنقرء من الاصحاح السابع من سفر القضاة

1فَبَكَّرَ يَرُبَّعْلُ، أَيْ جِدْعُونُ، وَكُلُّ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ وَنَزَلُوا عَلَى عَيْنِ حَرُودَ. وَكَانَ جَيْشُ الْمِدْيَانِيِّينَ شِمَالِيَّهُمْ عِنْدَ تَلِّ مُورَةَ فِي الْوَادِي

ونقرء من الاصحاح الثامن عن تواجد للمديانيين فى تابور شمال فلسطين قريبا من قادش مما يؤكد أنها هى ميتان

18وَقَالَ لِزَبَحَ وَصَلْمُنَّاعَ: «كَيْفَ الرِّجَالُ الَّذِينَ قَتَلْتُمَاهُمْ فِي تَابُورَ؟»

وميتان كانت قد انتهت قبل أن يتولى رمسيس الثانى الحكم واصبحت ولاية حيثية، وايضا ما يدل أن اهودا هو داوود أن سفر القضاة بعد أن حكى قصة طالوت رضى الله عنه وابنير بن نير بإسم جدعون وابيمالك لم يذكر مرحلة يهوذا قط رغم أننا على يقين أن اهم مرحلة ليهوذا كانت بعد طالوت رضى الله عنه واكتفى بذكر احداث يبدو أنها بعد نهاية ملك سليمان عليه السلام لأنه لا ذكر ليهوذا فى سفر القضاة منذ عصر جدعون وهذا يعنى أن الجزء الثانى من سفر القضاة يتحدث عن عصر لا سلطان فيه ليهوذا ويؤكد المسعودى فى مروج الذهب أن عيلان قاضية بنى اسرائيل التى نرجح أنها هى دبورا قامت بإبادة سبط داوود.

وبالقراءة المتعمقة لنشيد دبورا فى الاصحاح الخامس من سفر القضاة يجد أنها لا تذكر سبط يهوذا قط من جملة المحاربين فقد ذكرت فى نشيدها تسعة اسباط وهى العاشرة وهو بالضبط عدد الاسباط المستقلة بعد ملك سليمان وهذا يرجح أنها تتحدث عما بعد سليمان عليه السلام وهناك دليل قطعى أن اهودا هو داوود عليه السلام وهو أنه سيتبين بعد قليل أن هذه الاحداث وقعت فى بداية العصر الحديدى واهودا كان يصنع السيف بنفسه فمن الذى تؤكد كتب الوحى أنه هو أبو العصر الحديدى؟، واما شمجر رفيق عنات فمن هى عنات؟ عنات هى عنخ اتون الملكة الفرعونية التى تزوجها سليمان عليه السلام وتم تأليهها وسيتم إن شاء الله تعالى فى مقالة قادمة عن ملكة سبأ مناقشة هذه القضية .

وبالفعل سليمان هو ابن داوود كما قال المسعودى أن شمجر ابن اهودا واما باقى اسطورة اهودا وباقى اسطورة شمجر فتحوير للأصل التاريخى عن تسخير الحديد لداوود عليه السلام فى قتال الموأبيين والادوميين وتسخير الرياح لسليمان عليه السلام فى غزو اوغاريت واما الستمائة فلسطينى الذين ضربهم شمجر فهى مدن الساحل الاوغاريتى التى غزاها سليمان عليه السلام وسلط عليها الرياح التى اعطاه الله تبارك تعالى قدرة تحريكها،هذه المقدمة ضرورية لأنه بعد عصر شمجر بن عناة تسلط على بنى اسرائيل رئيس اسمه سيسرا فمن سيسرا؟

فى الحقيقة جميعنا يسمع عن معركة قادش التى تعرض فيها رعمسيس الثانى للخداع وكاد ينهزم ومن القراءة فى الجزء السادس من موسوعة مصر القديمة لسليم حسن يتضح أن رعمسيس الثانى حاصر مع قادش مدينة اخرى هى دبور، ولكن هذه القصة كلها قصة قادش ودبور بنفس الصفات منسوبة لسيسرا فى الاصحاح الرابع من سفر القضاة وسنقرء الاصحاح معا وبمقارنته بالوثائق الاركيولوجية سنكتشف مفاجأت لذيذة.

4وَدَبُورَةُ امْرَأَةٌ نَبِيَّةٌ زَوْجَةُ لَفِيدُوتَ، هِيَ قَاضِيَةُ إِسْرَائِيلَ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ. 5وَهِيَ جَالِسَةٌ تَحْتَ نَخْلَةِ دَبُورَةَ بَيْنَ الرَّامَةِ وَبَيْتِ إِيلَ فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ. وَكَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَصْعَدُونَ إِلَيْهَا لِلْقَضَاءِ. 6فَأَرْسَلَتْ وَدَعَتْ بَارَاقَ بْنَ أَبِينُوعَمَ مِنْ قَادَشِ نَفْتَالِي، وَقَالَتْ لَهُ: «أَلَمْ يَأْمُرِ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: اِذْهَبْ وَازْحَفْ إِلَى جَبَلِ تَابُورَ، وَخُذْ مَعَكَ عَشْرَةَ آلاَفِ رَجُل مِنْ بَنِي نَفْتَالِي وَمِنْ بَنِي زَبُولُونَ، 7فَأَجْذُبَ إِلَيْكَ، إِلَى نَهْرِ قِيشُونَ سِيسَرَا رَئِيسَ جَيْشِ يَابِينَ بِمَرْكَبَاتِهِ وَجُمْهُورِهِ وَأَدْفَعَهُ لِيَدِكَ؟» 8فَقَالَ لَهَا بَارَاقُ: «إِنْ ذَهَبْتِ مَعِي أَذْهَبْ، وَإِنْ لَمْ تَذْهَبِي مَعِي فَلاَ أَذْهَبُ». 9فَقَالَتْ: «إِنِّي أَذْهَبُ مَعَكَ، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ لَكَ فَخْرٌ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي أَنْتَ سَائِرٌ فِيهَا. لأَنَّ الرَّبَّ يَبِيعُ سِيسَرَا بِيَدِ امْرَأَةٍ». فَقَامَتْ دَبُورَةُ وَذَهَبَتْ مَعَ بَارَاقَ إِلَى قَادَشَ.10وَدَعَا بَارَاقُ زَبُولُونَ وَنَفْتَالِيَ إِلَى قَادَشَ، وَصَعِدَ وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلاَفِ رَجُل. وَصَعِدَتْ دَبُورَةُ مَعَهُ. 11وَحَابِرُ الْقَيْنِيُّ انْفَرَدَ مِنْ قَايِنَ، مِنْ بَنِي حُوبَابَ حَمِي مُوسَى، وَخَيَّمَ حَتَّى إِلَى بَلُّوطَةٍ فِي صَعَنَايِمَ الَّتِي عِنْدَ قَادَشَ. 12وَأَخْبَرُوا سِيسَرَا بِأَنَّهُ قَدْ صَعِدَ بَارَاقُ بْنُ أَبِينُوعَمَ إِلَى جَبَلِ تَابُورَ. 13فَدَعَا سِيسَرَا جَمِيعَ مَرْكَبَاتِهِ، تِسْعَ مِئَةِ مَرْكَبَةٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَجَمِيعَ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ مِنْ حَرُوشَةِ الأُمَمِ إِلَى نَهْرِ قِيشُونَ. 14فَقَالَتْ دَبُورَةُ لِبَارَاقَ: «قُمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي دَفَعَ فِيهِ الرَّبُّ سِيسَرَا لِيَدِكَ. أَلَمْ يَخْرُجِ الرَّبُّ قُدَّامَكَ؟» فَنَزَلَ بَارَاقُ مِنْ جَبَلِ تَابُورَ وَوَرَاءَهُ عَشْرَةُ آلاَفِ رَجُل. 15فَأَزْعَجَ الرَّبُّ سِيسَرَا وَكُلَّ الْمَرْكَبَاتِ وَكُلَّ الْجَيْشِ بِحَدِّ السَّيْفِ أَمَامَ بَارَاقَ. فَنَزَلَ سِيسَرَا عَنِ الْمَرْكَبَةِ وَهَرَبَ عَلَى رِجْلَيْهِ. 16وَتَبعَ بَارَاقُ الْمَرْكَبَاتِ وَالْجَيْشَ إِلَى حَرُوشَةِ الأُمَمِ. وَسَقَطَ كُلُّ جَيْشِ سِيسَرَا بِحَدِّ السَّيْفِ. لَمْ يَبْقَ وَلاَ وَاحِدٌ. 17وَأَمَّا سِيسَرَا فَهَرَبَ عَلَى رِجْلَيْهِ إِلَى خَيْمَةِ يَاعِيلَ امْرَأَةِ حَابِرَ

من النص السابق نستنتج:

أولاً: نطق رعمسيس خطأ بل الصواب انهم كانوا ينادونه سيسى-رع.

ثانياً: حاتوسيللى الملك الحيثى اسمه فى التوراة حمى موسى،مما يؤكد ارتباط الحيثيين ببنى اسرائيل ولو رجعنا للإصحاح الاول من سفر القضاة سنكتشف أن الحيثيين احماء موسى كانوا رفقاء السلاح لسبط يهوذا ولهذا فملوك حيثا هم ملوك يهوذا، وما يؤكد هذا تسمية الملك الحيثى بحابر نسبة لحبرون التى ذكر كاتب القضاة أن يهوذا والحيثيين هم من قاموا ببنائها، وكل ما سبق يفسر لنا لماذا لم يذكر مانيتون بنى اسرائيل ولا الحيثيين ولم يسميهم الا الاشوريين لأن الجميع كانوا مجموعة متشابكة وتسموا فى بعض الوثائق بالاحلامو او الاحلاف.

ثالثاً: وهذه متروكة للباحثين: بقية القصة التوراتية تقول بأن امرأة حابر قتلت سيسى رع ونحن نعرف من الاركيولوجيا أن رعمسيس تزوج بإثنتين من بنات حاتوسيللى ونعرف أن مؤمياء رعمسيس تصلبت فيها يده اليسرى فهل فعلا كما قالت التوراة أنه مات مقتولا بيد امرأة عبرانية غادرة ويبدو أنه فى ارزل العمر، تعالوا نقرء تكملة القصة التوراتية:

17وَأَمَّا سِيسَرَا فَهَرَبَ عَلَى رِجْلَيْهِ إِلَى خَيْمَةِ يَاعِيلَ امْرَأَةِ حَابِرَ الْقَيْنِيِّ، لأَنَّهُ كَانَ صُلْحٌ بَيْنَ يَابِينَ مَلِكِ حَاصُورَ وَبَيْتِ حَابِرَ الْقَيْنِيِّ. 18فَخَرَجَتْ يَاعِيلُ لاسْتِقْبَالِ سِيسَرَا وَقَالَتْ لَهُ: «مِلْ يَا سَيِّدِي، مِلْ إِلَيَّ. لاَ تَخَفْ». فَمَالَ إِلَيْهَا إِلَى الْخَيْمَةِ وَغَطَّتْهُ بِاللِّحَافِ. 19فَقَالَ لَهَا: «اسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ لأَنِّي قَدْ عَطِشْتُ». فَفَتَحَتْ وَطَبَ اللَّبَنِ وَأَسْقَتْهُ ثُمَّ غَطَّتْهُ. 20فَقَالَ لَهَا: «قِفِي بِبَابِ الْخَيْمَةِ، وَيَكُونُ إِذَا جَاءَ أَحَدٌ وَسَأَلَكِ: أَهُنَا رَجُلٌ؟ أَنَّكِ تَقُولِينَ لاَ». 21فَأَخَذَتْ يَاعِيلُ امْرَأَةُ حَابِرَ وَتَدَ الْخَيْمَةِ وَجَعَلَتِ الْمِيتَدَةَ فِي يَدِهَا، وَقَارَتْ إِلَيْهِ وَضَرَبَتِ الْوَتَدَ فِي صُدْغِهِ فَنَفَذَ إِلَى الأَرْضِ، وَهُوَ مُتَثَقِّلٌ فِي النَّوْمِ وَمُتْعَبٌ، فَمَاتَ. 22وَإِذَا بِبَارَاقَ يُطَارِدُ سِيسَرَا، فَخَرَجَتْ يَاعِيلُ لاسْتِقْبَالِهِ وَقَالَتْ لَهُ: «تَعَالَ فَأُرِيَكَ الرَّجُلَ الَّذِي أَنْتَ طَالِبُهُ». فَجَاءَ إِلَيْهَا وَإِذَا سِيسَرَا سَاقِطٌ مَيْتًا وَالْوَتَدُ فِي صُدْغِهِ.

رابعاً: نحن نعلم جميعا أن كتبة التوراة كانوا يخلطون قصصا شفهية مع بعض ولهذا عندما كتبوا تاريخ بنى اسرائيل خلطوا بين الاستعباد على يد فرعون سنوسرت الثالث وامنمحات الثالث والاستعباد الاستغلالى لخبرتهم فى الاعمال المدنية على يد سيتى والرعامسة ومعلوم بأن رمسيس الثانى فى بداية عصره اجتاح فلسطين وفجأة ظهرت طفرة فى بناء المعابد فى مصر بعد هذه الحملات.

وقد ظهرت ظاهرة المحاريب والتماثيل بغتة فى عصر رمسيس الثانى بعد هذه الحروب ولاننسى الابهار الهندسى فى معبد الرمسيوم الذى تشرق الشمس مرتين فى السنة على وجه رمسيس وهذا يطرح تساؤلا مشروعا: إذا كانت ظاهرة المحاريب العملاقة والتماثيل الضخمة صناعة مصرية خالصة فلماذا لم تظهر فى العصور السابقة لرعمسيس ولماذا تزامن هذا العلو فى عهد رمسيس بعد عصر البناء فى القرن السابق لرمسيس مباشرة الذى تجددت فيه القدس وتدمر.

وهنا لابد من تسجيل ملحوظة من التراث الدينى: أن القصتين الاسلامية واليهودية عن تعذيب فرعون لبنى اسرائيل مختلفة الاصل فالقصة الاسلامية فى الكتاب والسنة أن عذاب فرعون لبنى اسرائيل كان يشمل التذبيح والاستحياء بسبب نبوءة ابراهيم عليه السلام أنه سيظهر فى بنى اسرائيل من يجعلهم ملوكا على مصر.

أما القصة اليهودية فتتحدث عن خوف فرعون من انضمام بنى اسرائيل الى اعدائه وتسخيره لهم فى بناء مدينة الرمسيوم وبيثوم وهما مدينتان تاريخيتان ثابتتان أن رمسيس الثانى بناهما او على الاقل جدد بناءهما فى عصر واحد وتفسير هذا الإختلاف أن مصدر القصة اليهودية من التراث الشفهى الذى لايهتم بتحديد وتدوين وتوثيق.

أما مصدر القصة الإسلامية فهو إلهى تام فالقصة الاسلامية تتحدث عن فرعون يعرف قومه يوسف كما فى قصة مؤمن ال فرعون ويعرفون ابراهيم كما فى حديث الفتون أما القصة التوراتية فتتحدث عن فرعون لايعرف يوسف عليه السلام ويصف بنى اسرائيل بأنهم قوم حرب وقتال كما فى سفر الخروج

8ثُمَّ قَامَ مَلِكٌ جَدِيدٌ عَلَى مِصْرَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ. 9فَقَالَ لِشَعْبِهِ: «هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا. 10هَلُمَّ نَحْتَالُ لَهُمْ لِئَلاَّ يَنْمُوا، فَيَكُونَ إِذَا حَدَثَتْ حَرْبٌ أَنَّهُمْ يَنْضَمُّونَ إِلَى أَعْدَائِنَا وَيُحَارِبُونَنَا وَيَصْعَدُونَ مِنَ الأَرْضِ».

والتفسير المنطقى أن هذا الفرعون الذى استخدم خبرات بنى اسرائيل فى بناء المدن لم يكن هو الذى استعبدهم بإعتبارهم رعايا له وشيعة من شيعه ولكنه فرعون متأخر جاء الى مكان اقامة بنى اسرائيل بعد أن اصبحوا اكثر عددا من شعب مصر نفسه وصارت لهم دولة وخبرات بالحروب والقتال وصارت لهم خبرات بالبناء والمدن فهذا المذكور فى القصة اليهودية وليس هو الذى ذكره الله عزوجل فى القرأن بل هو متأخر عنه هو رمسيس الثانى بدلالة هذا النص التوراتى

11فَجَعَلُوا عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ تَسْخِيرٍ لِكَيْ يُذِلُّوهُمْ بِأَثْقَالِهِمْ، فَبَنَوْا لِفِرْعَوْنَ مَدِينَتَيْ مَخَازِنَ: فِيثُومَ، وَرَعَمْسِيسَ.

المصادر

  1. القرأن الكريم.
  2. كتب الطبرى التفسير وتاريخ الامم والممالك.
  3. كتاب مروج الذهب للمسعودى.
  4. كتاب قصص الانبياء للثعلبى.
  5. كتاب المنتظم لابن الجوزى.
  6. العهد القديم.
  7. موسوعة مصر القديمة لسليم حسن الجزئين الخامس والسادس.
  8. كتاب مملكة ميتانى الحورية.
  9. كتاب تاريخ الاشوريين القديم.
  10. رسالة القدس بين حقائق التاريخ وزيف الاسرائيليات.
  11. أبحاث الاستاذ أحمد السنوسى.
  12. ويكيبيديا الموسوعة الحرة.
  13. موسوعة المعرفة.
  14. كتاب اوغاريت والعهد القديم.
  15. كتاب اساطير من اوغاريت.
  16. كتاب حضارات ما بين النهرين.
  17. رسالة القدس فى تل العمارنة للدكتور فاروق اسماعيل.
  18. رسالة الالهة الكنعانية ورسالة المعتقدات الكنعانية لخزعل الماجدى.
  19. كتاب تاريخ العراق القديم السياسى لمحمد بيومى مهران.
  20. كتاب الشرق الادنى والحدث التوراتى.
  21. رسالة ضد ابيون ليوسفيوس.
  22. كتاب عصور فى فوضى.
  23. ترجمة كتاب التوراة مكشوفة على حقيقتها.
  24. كتاب روجيه جارودى فلسطين ارض الرسالات السماوية.
  25. كتاب “ثم شتان” للشيخ الدكتور محمود الرضوانى.
  26. كتاب حضارات غرب اسيا.
  27. مقالة”اسطورة سليمان”.



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-